الثلاثاء، 25 يوليو 2017

المسؤولية عن فسخ المفاوضات التعاقدية

تضمن هذا القرار القضائي توضيحا لمفهوم المسؤولية الناشئة عن فسخ المفاوضات العقدية سواء لجهة طبيعتها او للجزاءات المدنية الناشئة عن هذا الفسخ. قد تمت ترجمته مني مباشرة محترما قدر الامكان روحية القاضي في التوصيف والتعليل

قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة التجارية, بتاريخ 26 تشرين الثاني 2003 , منشور في سجل قرارات المحكمة الرابع لسنة 2003 تحت الرقم 186, صفحة 206, رقم الطعن : 00-10243 00-10949

حيث يتبين من القرار المطعون به الصادر عن محكمة استئناف باريس بتاريخ 29 اكتوبر 2003 ان شركة مانوكيان قد دخلت في مفاوضات مع الزوجين س, الشركاء في شركة ستاك, وذلك بهدف شراء الاسهم العائدة لهما في راسمال هذه الشركة, وحيث يتبدى ان محادثات بدات في ربيع العام 1997 وادت بعد لقاءات عديدة وتبادل للرسائل إلى ايجاد مشروع اتفاق بتاريخ 24 سبتمبر 1997 واالذي كان يتضمن عدة شروط تعليقية يجب تحققها قبل تاريخ 10 اكتوبر من السنة نفسها وان هذا التاريخ قد تم تاجيله لاحقا إلى 31 من الشهر نفسه. وحيث يتبين انه بعد محادثات جديدة فان شركة مانوكيان قد قبلت طلبات التعديل المقدمة من قبل البائعين و اقترحت تاجيل التاريخ المحدد لتحقق الشروط التعليقية إلى 15 نوفمبر 1997, وحيث يظهر ان الزوجين لم يبديا اية ملاحظات على هذا الامر وان مشروع عقد تنازل جديد تم ارساله لهما من قبل الشركة.

وحيث يظهر ايضا انه بتاريخ 24 نوفمبر علمت شركة مانوكيان بان الزوجين قد ابرما مع شركة ليكومبليس وعدا بالتنازل عن الاسهم نفسها وأنها طلبت امام القضاء الحكم على الزوجين وعلى شركة ليكومبليس بالتعويض عن الضرر الذي اصابها والناشئ عن الفض التعسفي للمفاوضات.

في السبب التمييزي الاوحد المقدم من الزوجين س

حيث ان الزوجين س يعيبان على القرار المطعون به بانه حكم عليها بان يدفعا إلى شركة مانوكيان مبلغ 400000 فرنك فرنسي كتعويض, في حين انه بحسب السبب التمييزي فان:

اولا: ان الحرية التعاقدية تقتضي ضمنا حرية فسخ المفاوضات وان هذه الاخيرة لا يحدها الا مبدا التعسف في فسخ المفاوضات والذي يفترض وجود خطا ناتج عن المساس بثقة الفريق الاخر, وان محكمة الاستئناف التي لم تبين وجود أي واقعة تعتبر خطا وفقا لهذا المفهوم بحيث يكون مخالفا لحسن النية التعاقدية, تكون قد افرغت حكمها من السند القانوني بالنظر لاحكام المواد 1382 و 1383 من القانون المدني.

ثانيا: ان من ياخذ المبادرة لابرام مفاوضات عبر تقديمه لاقتراح شراء اسهم في الشركة مع تضمينها العديد من الشروط التعليقية والتي يفترض تحققها خلال مهل محددة, والذي لا يقوم باي عمل لاجل تحقيق هذه الشروط, لا يمكنه ان يدلي بخطا الفريق الاخر الذي قام بفض المفاوضات بعد انقضاء هذه المهل, بحيث ان محكمة الاستئناف التي قضت على الزوجين س بالدفع تكون بذلك قد خالفت أحكام المواد 1382 و 1383 من القانون المدني

ولكن حيث انه, من جهة اولى, ان محكمة الاستئناف التي تبين لها ان الفرقاء كانوا قد توصلوا إلى مشروع اتفاق من شانه ازالة جميع الصعوبات التي تعترض العملية القانونية وان شركة مانوكيان كان يحق لها ان تعتبر بان الزوجين س كانا حاضرين للتنازل لها عن الاسهم وحيث انها تأكدت من جهة ثانية, ان الشركاء في شركة ستاك كانوا خلال المرحلة نفسها يقومون بمفاوضات مع شركة ليكومبليس وانهم ابرموا مع هذه الاخيرة اتفاقا ولم يعلموا شركة مانوكيان بهذا الامر الا بعد مرور 14 يوما على توقيعهم لهذا الاتفاق تاركين شركة مانوكيان تعتقد بان عدم التوقيع معها والتاخير في التوقيع انما ينشا عن غياب المحاسب لدى هذه الشركة, فان محكمة الاستئناف قد تاكدت بان الزوجين س كانا قد فسخا المفاوضات بصورة احادية وبسوء نية في حين ان شركة مانوكيان كانت تتابع عملية المفاوضات, وبالتالي فانه بالنظر إلى ما تحققت منه محكمة الاستئناف والتقدير التي استندت اليه, تكون قد اعطت سندا قانونيا لحكمها.

من هنا فان هذا السبب التمييزي يكون متوجب الرد

في السبب التمييزي الاول من الطعن المقدم من شركة مانوكيان

حيث ان شركة مانوكيان تعيب على القرار المطعون به بانه حدد قيمة التعويض بمبلغ 400000 فرنك فرنسي في حين انه بحسب السبب التمييزي فان الشخص الذي يفسخ بصورة فجائية المفاوضات الواقعة على شراء اسهم شركة تملك مؤسسة تجارية يكون ملزما بالتعويض عن الفرصة الضائعة والتي تقدر قيمتها بالربح الذي كان مامولا تحققه من استثمار المؤسسة التجارية لو ان البيع كان قد تم. وان هذا الامر يبقى مطبقا بغض النظر عن كون الفرقاء توصلوا ام لا إلى اتفاق تهائي وتام قبل الفسخ, وبالتالي فانه في الحالة الراهنة فان محكمة الاستئناف التي تبين لها ان الزوجين س قد ارتكبا خطا مدنيا تجاه الشركة مانوكيان بفسخهما العقد بصورة احادية وفجائية ولكنها اعتبرت مع ذلك بان الضرر الذي يوجب التعويض للشركة لا يمكن ان يكون متوافقا مع الربح الضائع الذي كانت الشركة تامل تحقيقه من استثمار المؤسسة التجارية وذلك لغياب اتفاق نهائي وتام وان محكمة الاستئناف التي قدرت الضرر بالنفقات التي دفعتها شركة مانوكيان خلال عملية المفاوضات فان محكمة الاستئناف تكون بحسب السبب التمييزي قد خالفت أحكام المادة 1382 من القانون المدني.

ولكن حيث ان محكمة الاستئناف اعتبرت بصورة سليمة انه في غياب اتفاق نهائي وتام, فان الضرر الذي اصاب شركة مانوكيان لا يشمل الا النفقات التي صرفتها في معرض قيامها بالمفاوضات وكذلك نفقات الدراسات المسبقة لعملية البيع التي قامت بطلب اعدادها دون ان يشمل الربح الذي كان من الممكن تحققه, في حال ابرام العقد, نتيجة استثمار المؤسسة التجارية ودون ان يشمل ايضا الفرصة الضائعة بالحصول على هذا الربح, وبالتالي, فان السبب التمييزي يكون متوجب الرد

في السبب التمييزي الثاني من الطعن المقدم من شركة مانوكيان

حيث ان شركة مانوكيان تعيب على القرار المطعون به بانه قضى بعدم امكانية الحكم على شركة ليكومبليس بالتعويض في حين انه بحسب السبب التمييزي فان التزام المشتري بان يضمن للبائع مقدما دفع أي تعويض يكون متوجبا عليه في حال فسخ المفاوضات التي قد يكون هذا الاخير ملزما بها تجاه الغير الذي يفاوض معه, يشكل خطا يوجب على المشتري التعويض على الضحية طالما ان هذه الضمانة تشكل حافزا للبائع بان يفسخ المفاوضات مع الغير وذلك لمصلحة المشتري, وانه في الحالة الراهنة, فان محكمة الاستئناف قد تبين لها ان الاتفاق المبرم بين شركة س وشركة ليكومبليس كان يتضمن التزاما من الاخيرة بضمان البائع عن أي تعويض يمكن طلبه من قبل الغير في حال الفض التعسفي للمفاوضات, وان محكمة الاستئناف قد اعتبرت مع ذلك بان شركة ليكومبليس, لم تكن قد ارتكبت أي خطا تجاه شركة مانوكيان في مسالة فض المفاوضات الجارية بين الاخيرة والزوجين س وذلك دون ان يكون هماك اهمية لمسالة ما اذا كانت شركة ليكومبليس قد علمت بتقدم المفاوضات مع شركة مانوكيان, فان محمكة الاستئناف تكون بحسب السبب التمييزي بذلك قد خالفت أحكام المادة 1382 من القانون المدني

ولكن حيث ان مجرد التعاقد مع شخص ما, بالرغم من معرفة ان هذا الاخير قد بدا مفاوضات مع الغير, لا يشكل بحد ذاته خطا يوجب وضع المسؤولية المدنية موضع التنفيذ الا اذا ترافق هذا التعاقد مع نية الاضرار او مع وسائل خداعية

وحيث ان محكمة الاستئناف معتبرة بان بند الضمان الذي تضمنه الوعد بالبيع المبرم بين شركة ليكومبليس والزوجين س لا يكفي بحد ذاته لاعتبار ان هذه الشركة قد استخدمت وسائل غير مشروعة لابرام العقد باسمها, او انها كانت تعلم بصورة دقيقة عن مدى تقدم المفاوضات مع شركة مانوكيان او عن كون هذين الزوجين قد خالفا مبدا حسن النية تجاه الغير, فان محكمة الاستئناف تكون قد قضت بصورة سليمة بان مسؤولية شركة ليكومبليس لا يمكن اقامتها تجاه شركة مانوكيان حتى لو استفادت من التصرفات غير المشروعة  للزوجين س.


من هنا فان هذا السبب التمييزي يكون متوجب الرد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.