الأربعاء، 29 ديسمبر 2021

هل تفقد الإفادة المكتوبة قيمتها الثبوتية بمجرد الطعن فيها بالتزوير؟



‏أوكل السيد والسيد (اتش) إلى المحامي (أم) الذي يمارس المهنة في إطار شركة مدنية للمحاماة مع زميلته السيدة ( باء),   الدفاع عن مصالحهما في الدعوى المقامة من قبلهما بوجه شركة تطوير عقاري ولجنة إدارة المبنى موضوع النزاع.

 

‏بعد انتهاء الملف والمحاكمة، رفضا أن يدفعا له بدل أتعاب صنفت "ببدل أتعاب نتيجة". فتقدم المحامي لدى النقيب بطلب للحكم له بقيمة بدل الأتعاب الاضافية. 

 

‏اعتبر النقيب ومن بعده ‏رئيس محكمة الاستئناف أن السيد والسيدة (اتش) لا يعتبران مدينين تجاه المحامي باي مبلغ على أساس بدل أتعاب المستحقة عن نتيجة عمل المحامي واستند رئيس المحكمة إلى القول بأن ليس هناك ما يثبت أن الزوجين قد ابرما مع المحامي اتفقا إضافيا حول ‏بدل الاتعاب هذا.

 

‏اضاف رئيس محكمة الاستئناف أن المستند الوحيد الذي يسمح باعتماد وجود الاتفاقية هو الإفادة الخطية المقدمة من المحامية السيدة (باء) وأن هذه الإفادة ليس لها قيمة قانونية باعتبار أن الزوجين كانا قد تقدما بشكوى الجزائية بوجه هذه المحامية مدلين بتزوير الوقائع الواردة في هذه الإفادة.

 

‏عاب المحامي علي الأمر القضائي الصادر عن رئيس محكمة الاستئناف بأنه قرر ذلك، ‏معتبرا أن الإفادة تكفي بحد ذاتها لإثبات وجود هكذا اتفاق على بدل الاتعاب.

 

‏محكمة التمييز الفرنسية اعتبرت أن عدم التوقيع على اتفاقية مكتوبة لا يمنع المحامي من الحصول على بدل أتعاب إضافي إذا كان هذا الأمر ثابتا في مبدئه واضافت ان الإفادة المقدمة من السيدة المحامية (باء) تسرد الوقائع التي كانت شاهدة عليها والتي تأكدت منها بصورة شخصية كما أنها, أي الإفادة, تتضمن إشارة إلى أن المحامية كانت تعلم أنها ستقدم أمام القضاء وان تزوير الإفادة يعرض من قام به للملاحقة الجزائية.

 

‏من ذلك خلصت محكمة التمييز الى القول ان الأمر القضائي الذي رفض اعطاء الإفادة المقدمة من المحامية قيمة ثبوتية استنادا إلى أن الزوجين كان قد تقدمنا بشكوى الجزائية بوجه هذه المحامية مما يفقد هذه الإفادة قيمتها القانونية, لا ‏يكون مسندا من الناحية القانونية.

 

‏لذلك قررت محكمة التمييز ‏نقض ‏الأمر القضائي الاستئنافي وأبطاله.

 

(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة المدنية الثانية، بتاريخ 16 ديسمبر 2021, رقم الطعن: U 20-15.875).

اعداد الدكتور رشاد قبيسي

محامي بالاستئناف في باريس

 

الجمعة، 24 ديسمبر 2021

السبت، 18 ديسمبر 2021

ما هي حدود اثبات الخرق العقدي بواسطة التحري الخاص؟


يتبين من القرار المطعون به إن السيد (أي) اشترى مؤسسة تجارية من السيد (واي)، أن عقد البيع كان يتضمن موجبا يمنع البائع من أن يفتح مؤسسة تجارية ضمن منطقة خمس كيلومترات من مكان استثمار المؤسسة التجارية المباعة وذلك في خلال مدة خمس سنوات من تاريخ الشراء.

 

‏ان السيد (أي) مقتنعا بمشاركة السيد (واي) باستثمار مؤسسة تجارية شبيهة، استحضره أمام القضاء لإثبات خرقه لموجبه بعدم الاستثمار ومطالبا إياه بالتعويض.

 

‏أن السيد (واي) طلب في المقابل رد تقارير التحقيق الخاصة المقدمة أمام المحكمة من قبل السيد (أي).

 

‏ان السيد (واي) عاب على قرار المطعون به بأنه أيد الحكم الابتدائي في كونه قد حكم عليه بأن يدفع الى السيد (أي) مبلغا من المال مع الفائدة على أساس نفقات التحري الخاص، وأنه حكم عليه بأن يدفع ايضا مبلغا على أساس التعويض عن الضرر الناجم نتيجة هذا الاستثمار غير المشروع.

 

‏اعتبر السيد (واي) أن لكل شخص الحق في حماية حياته الشخصية وأن ‏محكمة الاستئناف التي اكتفت لكي تستبعد من النقاش التقرير المعد من قبل التحري الخاص بالقول أن هذه الوسيلة التي لجأ إليها السيد (أي) لم تكن غير مشروعة و أن الطريقة المستعملة من قبل التحري لم تكن حشرية بل احترمت الحياة الشخصية للسيد ولزوجته باعتبار انها كانت محددة في الزمان والمكان, في حين ان محكمة الاستئناف ‏لم تبحث فيما إذا كانت الملاحقة التي قام بها التحري لمدة ستة أشهر لم تكن تشكل مساسا فعليا في الحياة الخاصة للزوجين ذلك أن التقرير يبين جميع الوقائع و التحركات حتى البسيطة لهما وأن كانت هذه التحركات تدخل في دائرة حياتهما الخاصة باعتبار أنه أخذ لهما ستة صور بالإضافة إلى صور للإجراء في المؤسسة الجديدة وصور له في معرض تركه للمنزل وأن محكمة الاستئناف بعدم قيامها بهذا البحث تكون قد افرغت قرارها ‏من السند القانوني.

 

‏أضاف السيد (واي) إن الحق في الاثبات لا يمكن أن يبرر تقديم عناصر تشكل مساسا بالحياة الخاصة الا إذا كان هذا التقديم ضروريا لممارسة هذا الحق ‏وأن يكون ‏المساس متناسبا مع الغاية المرجوة وأن محكمة الاستئناف ‏التي تكتفي لكي ترفض ان تستبعد من النقاش التقرير المعد من قبل التحري الخاص بالقول أن هذه التقارير كانت موضحة للدور الحقيقي الذي لعبه السيد (واي) في إدارة المؤسسة التجارية الجديدة التي أنشأتها زوجته دون أن ‏توصف, أي محكمة استئناف, كيف أن هذه التقارير كانت ضرورية لممارسة حق الاثبات, فإنها تكون بذلك قد افرغت قرارها من السند القانوني.

 

‏ ‏محكمة التمييز الفرنسية اعتبرت ان التحري الخاص الذي مارس الرقابة على المؤسسة المنافسة على دفعتين زمنتين منفصلتين يكون قد احترم الحياة الشخصية للأفراد ولم يقم بعمله بصورة حشرية. وأضافت من جهة ثانية ان الدور التوضيحي للتقارير يبين ضرورة هذه الرقابة واهميتها في الحفاظ على حقوق المشتري, السيد (أي).

 

لذلك قررت محكمة التمييز رد السبب التمييزي.

 

(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة التجارية, بتاريخ الأول من ديسمبر 2021, غير منشور, رقم الطعن: 19-22.135)

اعداد الدكتور رشاد قبيسي

محامي بالاستئناف في باريس

الأربعاء، 15 ديسمبر 2021

الاخلال التعاقدي المؤسس للمسؤولية غير التعاقدية.

يتبين من القرار المطعون به ان الاقرباء (اكس) قد اجروا عقارا تجاريا الى شركة (ميرو) التي فوضت إدارة مؤسستها التجارية الى شركة (بوت شوب) ; ان هذه الاخيرة عابت على المؤجرين انعدام صيانة المحلات، فاستحضرتهم امام قاضي الأمور المستعجلة للحصول على إعادة الأماكن الى حالتهم الاصلية ودفع سلفة تعويضية عن الضرر الناجم عن مشاكل الاستثمار.

 ان الاقرباء (اكس) عابوا على القرار الاستئنافي انه قبل طلب الشركة التي تدير المؤسسة بموجب عقد إدارة حرة, في حين انه اذا كان المفعول النسبي للعقود لا يمنع الغير من الادلاء بالواقع الذي انشأته الاتفاقات التي لم يكن طرفا فيها طالما ان هذه الحالة الواقعية تسبب له ضررا من شأنه ان يؤسس لدعوى مسؤولية شبه جرمية الا انه يجب أيضا في هذه الحالة ان يثبت الغير وجود الخطـأ الجرمي المزعوم بذاته بالاستقلال عن أي وجهة نظر تعاقدية ;
 انه في الملف الراهن فانه من الثابت ان الشركة المستأجرة قد اجرت المحلات التجارية وفقا لعقد إدارة حرة الى شركة (بوت شوب) دون ان تعلم بذلك المؤجر ;
انه إذ تأكد أن الدعوى غير التعاقدية المقدمة من قبل شركة (بوت شوب) بوجه المؤجر كانت مقبولة دون توصيف الخطأ الجرمي المدلى به من قبل هذا الأخير فان محكمة الاستئناف قد عابت قرارها بعيب انتفاء القاعدة القانونية بالنظر الى المادة 1382 من القانون المدني ; 
 محكمة التمييز اعتبرت انه حيث ان الغير في عقد ما يمكنه ان يدلي على أساس المسؤولية الجرمية بإخلال تعاقدي طالما ان هذا الاخلال سبب له ضررا ;
 انه بتبيانها بتعليلات خاصة وأخرى متبناة من الحكم الابتدائي ان المداخل الى المبنى المستأجر لم تكن مصانة, ان باب الدخول كان معطلا, وان الرافعة لم تكن تعمل وانه كان ينتج من ذلك استحالة لاستعمال الأماكن المستأجرة بصورة طبيعية, فان محكمة الاستئناف التي تكون بذلك قد وصفت الضرر الناتج عن أخطاء المؤجرين بالنسبة للمستأجر بعقد الإدارة الحرة تكون في الوقت نفسه قد عللت قرارها من الناحية القانونية ; لذلك قررت محكمة التمييز رد الطعن.
 (قرار صادر عم محكمة التمييز الفرنسية، الهيئة العامة، بتاريخ 6 اوكتبر 2006, منشور في السجل الرسمي لمحكمة التمييز الفرنسية, رقم الطعن: 05-13.255)
 اعداد الدكتور رشاد قبيسي محامي بالاستئناف في باريس.

الأحد، 12 ديسمبر 2021

القانون الواجب التطبيق على عقد العمل المنفذ بين دولتين


بتاريخ الأول من نوفمبر 1979, ارتبط السيد (أي) مع المصرف المركزي الشعبي المغربي بعقد عمل بصفة ملحق تجاري, حيث تم البدء بتنفيذ علاقة العمل في المغرب قبل ان ينتقل تنفيذه الى فرنسا ابتداء من 21 نوفمبر 1983, حيث مارس السيد (أي) نشاطه في المكتب التمثيلي للمصرف في باريس.

 

برسالة بتاريخ 21 مايو 2010, اعلم المصرف السيد (أي) انه بسبب خطة إعادة توزيع الكوادر في المصرف ولأسباب متعلقة بالخدمة فأنه سينتقل ابتداء من الأول من يوليو 2010 الى المركز الأساسي في المغرب.

 

رفض السيد (أي) هذا الامر معتبرا انه يشكل تعديلا جوهريا لعقد العمل وان الإصرار عليه يعتبر بمثابة صرف من العمل دون مسوغ قانوني وفقا لأحكام القانون الفرنسي.

 

تقدم السيد (أي) من المحكمة العمالية بطلب تعويض عن الاضرار التي اصابته نتيجة فسخ عقد العمل فيما رفض المصرف هذا التوصيف واعتبر ان العقد أصبح منتهيا بسبب ترك الاجير لعمله ابتداء من الأول من يوليو 2010.

 

نشأ خلاف امام المحكمة حول القانون الواجب التطبيق على عقد العمل.

 

محكمة الاستئناف في باريس اعتبرت ان القانون الفرنسي يكون مطبقا على العقد وقررت ان تصرف المصرف يمكن توصيفه بمثابة صرف تعسفي منتج للتعويض.

 

ادلى المصرف في طعنه التمييزي ان محكمة الاستئناف قد خالفت القانون, ذلك ان اتفاقية روما الصادرة بتاريخ 19 يونيو 1980 تقول ان القانون الواجب التطبيق على عقد العمل يكون القانون الذي اختاره الفرقاء وان المادة السادسة من الاتفاقية نفسها تكتفي بالنص, بشكل تصحيحي, ان للأجير الحق في معرض تطبيق القانون الأجنبي أي المغربي, ان يطلب الاستفادة من الاحكام الإلزامية للقانون الداخلي أي الفرنسي.

 

أضاف المصرف ان محكمة الاستئناف اذ تقرر ان العقد يكون محكوما بشموليته بالقانون الفرنسي في حين ان العقد قد ابرم بداية تحت اطار القانون المغربي فإنها تكون قد خرقت احكام الاتفاقية المذكورة أعلاه.

 

محكمة التمييز الفرنسية اعتبرت بداية انه لا يظهر من أوراق الملف ان محكمة الاستئناف أعلنت تطبيق القانون الفرنسي على العقد بكليته وذلك خلافا لما يدعيه السبب التمييزي المقدم من المصرف.

 

ثم ان محكمة التمييز الفرنسية وبعد ان ذكرت بان مبدأ استقلال الإرادة في اختيار القانون الواجب التطبيق على العقد يبقى هو الأساس, اضافت ان حرية الفرقاء في الاختيار لا يمكن ان يكون من شأنها حرمان الاجير من الاستفادة من الحماية التي تمنحه إياها الاحكام الإلزامية الفرنسية ولاسيما تلك المتعلقة بفسخ عقد العمل بحيث ان النصوص الفرنسية في هذا المجال تبدو اكثر افادة للاجير من النصوص المغربية المختارة من قبل الفرقاء.

 

لذلك اعتبرت المحكمة ان قضاة الأساس قد طبقوا القانون بصورة سليمة عندما قدموا الاحكام الإلزامية على حرية الفرقاء في اختيار القانون الواجب التطبيق.

 

لذلك اعتبرت محكمة التمييز هذا السبب التمييزي غير ذي فعالية.

 

(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة العمالية الاجتماعية, بتاريخ 8 ديسمبر 2021, رقم الطعن : 20-11.738 )

اعداد الدكتور رشاد قبيسي

محامي بالاستئناف في باريس.

https://www.facebook.com/avocatkobeissi/posts/1253652438469046

الجمعة، 3 ديسمبر 2021

سلطة قاضي الاساس في تطبيق النص القانوني بين التفسير والاضافة

سلطة قاضي الأساس في تطبيق النص القانوني بين التفسير والاضافة. 

 

‏بتاريخ 2 أكتوبر 2015 وبموجب عمل قانوني ذي توقيع خاص، ابرم السيد والسيدة (جيم) مع السيد (الف) وعدا متبادلا بالبيع ‏‏واقعا على عقار عائد لهما وقد تم النص في متن هذا العقد على أن عقد البيع النهائي الذي يجب أن يتم أمام كاتب العدل يقتضي أن يتم على ابعد حال بتاريخ 15 مارس 2016.

 

‏بتاريخ 9 أكتوبر 2015، تسلم السيد (الف) نسخة مصورة من الوعد بالبيع وذلك برسالة مضمونة مع اشعار بالاستلام, ‏الأمر الذي كان يؤدي من الناحية القانونية إلى بداية فترة "الحق في  التراجع  عن الالتزام " المحددة بمهلة 10 أيام من تاريخ الاستلام.

 

‏ثم تبين لاحقا أن البيع النهائي لم يتم ذلك أن السيد (الف) قد ادلى بان أحكام المادة 271- 1 من قانون البناء والإسكان لم يتم احترامها,  باعتبار ان الرسالة التي استلمها لم  تكن تتضمن الا نسخة مصورة من الوعد وليس الوعد الاساسي وان هذه الرسالة لم يكن يرافقها مستند يشرح الآلية التي يحق له عبرها استعمال الحق بالتراجع. الأمر الذي دفع ‏السيد والسيدة )جيم) إلى استحضاره أمام القضاء مطالبين بإعلان البيع تاما وبالحكم عليه أن يدفع عدة مبالغ.

 

‏عاب السيد والسيدة (جيم) على القرار الاستئنافي انه أعلن تبليغ الوعد بالبيع غير نظامي و أنه قال ان الوعد بالبيع اصبح يعتبر غير ذي فعالية من الناحية القانونية

 

‏أضاف السيد والسيدة (جيم) انه ليس هناك في نص المادة المذكورة ما من شأنه ان يجبر البائعين على تضمين الرسالة شرحا عن كيفية استعمال حق التراجع وأضافا إن الوعد بالبيع نفسه كانا يتضمن النص على هذه الآلية وهو أمر تحققت منه محكمة الاستئناف بنفسها.

 

‏انطلاقا من هنا اعتبر السيد والسيدة (جيم) أن محكمة الاستئناف اضافت إلى نص المادة المذكورة شرطا لم يكن واردا بصورة صريحة فيها.

 

‏ ‏محكمة التمييز وبعد أن ذكرت بأنه نص المادة المذكورة يعطي للمشتري الحق في أن يتراجع عن الشراء في خلال مهلة 10 أيام من اليوم الذي يلي استلام ‏رسالة مضمونة مع الأشعار بالاستلام تتضمن الوعد بالبيع, اضافت ان محكمة الاستئناف التي تعتبر ان مجرد استلام نسخة مصورة لا يعتبر كافيا لبدء فترة استعمال الحق بالتراجع تكون قد أضافت مطلبا قانونيا جديدا على التبليغ مما يرتب القول أن محكمة الاستئناف قد خرقت ‏نص المادة أعلاه.

 

‏لذلك قررت محكمة التمييز نقض الحكم الاستئنافي وتدريك المميز عليه كافة النفقات والرسوم.

 

(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة المدنية الثالثة,  بتاريخ 9 يونيو 2020, غير منشور في السجل الرسمي, رقم الطعن : 19-18.943).

‏إعداد الدكتور رشاد قبيسي

‏محامي بالاستئناف في باريس