الاثنين، 30 ديسمبر 2019

مسؤولية المصرف عن انتحار الزبون بسبب ضائقته المالية.

كان السيد (اكس), التاجر, يستفيد من تسهيلات مالية لدى مصرف (كريديه اغريكول)، لكن هذا الأخير اعلمه بانه سيرفض دفع عدة شيكات و ابلغه بمنعه مصرفيا من استعمالها ; وانه لاحقا جرى أيضا منع زوجته من استخدام الشيكات المصرفية في المصرف نفسه.

بعد استلامه قرار المنع, قام السيد (اكس) بإطلاق النار على نفسه من سلاح حربي أمام فرع المصرف وتوفي, فتقدمت السيدة (اكس) باسمها الشخصي وبصفتها الولي القانوني لأولادها القاصرين, بدعوى امام القضاء للمطالبة بإعلان مسؤولية المصرف عن الوفاة ;

قررت محكمة الاستئناف رد طلبها الهادف الى التعويض عن الضرر الناشئ عن وفاة السيد (اكس).

اعابت السيدة (اكس) على محكمة الاستئناف، انها بعد ان تحققت من ان السيد (اكس) كان قد قتل نفسه أمام فرع المصرف في اليوم التالي لتبلغه قرار المنع وذلك دون إشعاره مسبقا بهذا القرار , وأنه كان ممسكا بيده بورقة موجهة إلى أقربائه يشرح فيها حالة صعوباته المالية ويعزو دون أي لبس فعله الى تصرف المصرف, فان محكمة الاستئناف كان يجب عليها ان تعتبر ان انتحار السيد (اكس) يجد أساسه في الفسخ الخاطئ للتسهيلات المالية التي قام بها المصرف  وأن محكمة الاستئناف برفضها ذلك تكون قد خالفت المادة 1382 من القانون المدني;

كم اعابت عليها، انها اي محكمة الاستئناف اكتفت بالقول, لنفي كل علاقة سببية بين خطأ المصرف وانتحار السيد (اكس), ان فعل هذا الأخير كان يدخل في إطار "تقديره الشخصي" دون ان تبحث, كما كانت قد دعيت إلى ذلك, عما إذا كان الانتحار متأتيا من الصدمة النفسية الشديدة الفداحة التي سببها الفسخ الفجائي والخاطئ للتسهيلات. فان محكمة الاستئناف تكون أيضا قد افرغت قرارها من القاعدة القانونية بالنظر الى المادة 1382 من القانون المدني ;

من جهتها، محكمة التمييز الفرنسية قالت انه وان كانت محكمة الاستئناف قد اعتبرت ان المصرف قد ارتكب خطأ بانهاء التسهيلات المالية دون أي انذار, الا ان محكمة الاستئناف قد طبقت القانون بصورة سليمة عندما اعتبرت ان فعل السيد (اكس) غير القابل للإصلاح والمفرط, و الداخل في تقديره الشخصي البحت, لم يكن في أي حال متناسبا مع الخطأ المرتكب من قبل المصرف, وان لا شيء في العلاقات السابقة بين الزبون والمصرف كان من شأنه ان يسمح باعتبار هذا الأخير يعلم بحالة الضعف النفسي لزبونه وان الإجراء الذي سيتخذه قد يكون من شأنه ان يؤدي الى هذا التصرف المتطرف من قبل الزبون.

لهذه الأسباب التعليلية, قررت محكمة التمييز ان ترد الطعن التمييزي.

(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة التجارية, في جلسة علنية بتاريخ الثلاثاء 4 ديسمبر 2001, رقم الطعن: 99-17664)
اعداد الدكتور رشاد قبيسي
محام بالاستئناف في باريس.

الثلاثاء، 3 سبتمبر 2019

عدم اختصاص القاضي لتخفيض العقوبة المدنية الناجمة عن عدم تطبيق موجب قانوني.

يفرض القانون على مؤسسات الإسكان ان تقوم بإيداع تقرير عن حالة المساكن وبدلات الايجار المتعلقة بها وذلك في مكتب مجلسي النواب والشيوخ.
يتم اعداد هذا التقرير بناء على تحقيق احصائي تجريه هذه المؤسسات لدى المستـأجرين لديها وينص القانون انه على المستأجرين ان يردوا على هذا التحقيق خلال مدة شهر والا تعرضوا لعقوبة مدينة يضاف عليها قيمتها الاصلية عن كل شهر تأخير.
تمنعت السيدة (اكس) عند الرد على هذا التحقيق مما دعا المؤسسة الاسكانية لاستحضارها امام القضاء للحكم عليها بدفع العقوبة المدنية.
محكمة الاستئناف اعتبرت ان وجود عقد ايجار بين الطرفين يعطي للعقوبة المدنية صفة تعاقدية وانه يجوز للقاضي ان يأخذ بعين الاعتبار الظروف والطابع المفرط للعقوبة المدنية لاجل تخفيضها الى حد العدم.
محكمة التمييز الفرنسية، اعتبرت ان العقوبة المدنية المنصوص عليها في نص قانوني لا تعتبر مبلغا مقطوعا محددا كبدل عطل وضرر متفق عليه بين الفرقاء، انما تشكل جزاء للإخلال بتنفيذ موجب قانوني.
لذلك خلصت محكمة التمييز الى القول ان محكمة الاستئناف قد خرقت القانون، وبالتالي فان حكمها يكون مستوجب الرد.
(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة المدنية الثالثة، بتاريخ 5 ديسمبر 2001, رقم القرار 00-10344).
اعداد الدكتور رشاد قبيسي
محام بالاستئناف في باريس.

السبت، 31 أغسطس 2019

تطبيق مفهوم المحاكمة العادلة في الإجراءات التأديبية.

 أوكلت السيدة (كاف) الى المحامي (تاء) مهمة معالجة موضوع قانوني شائك، الا ان هذا الأخير قد خالف الآداب المهنية وأضر عن قصد بمصالح زبونته.

أبلغت السيدة (كاف) هذا الامر الى نقابة المحامين المختصة التي قررت بدورها ملاحقة المحامي المذكور تأديبيا.

لاحقا اصدر المجلس التأديبي قرارا بايقاف المحامي المذكور عن العمل لمدة شهرين, الامر الذي دفعه الى استئنافه امام محكمة استئناف باريس.

في الجلسة الأخيرة امام محكمة الاستئناف، قام المحامي (تاء) بتقديم ملاحظاته الشفهية التي أعاد بها ما ورد في لوائحه السابقة المكتوبة وذلك قبل ان تقوم النيابة العامة بأبداء مطالعتها في الملف. الا ان المحامي قدم لاحقا, أي بعد فترة من انتهاء الجلسة, الى المحكمة الاستئنافية وقبل صدور قرارها ملاحظات على مطالعة النيابة العامة.

محكمة الاستئناف المدنية في باريس ايدت القرار التأديبي بإيقاف المحامي عن العمل لمدة شهرين.

تقدم المحامي (تاء) بطعن تمييزي مدليا ان مفهوم المحاكمة العادلة يكون واجب التطبيق في الدعاوى التأديبية وان هذا المفهوم يوجب ان يكون له الكلام في نهاية الجلسة امام محكمة الاستئناف وان عدم العرض الكلام عليه بعد مطالعة النيابة العامة يشكل خرقا لمبدأ المحاكمة العادلة المنصوص عليه في المادة 6 الفقرة الأولى من اتفاقية حماية حقوق الانسان والحريات الفردية.

أضاف المحامي (تاء) ان عدم احترام هذا المبدأ يؤدي الى ضرورة ابطال القرار التأديبي الصادر عن محكمة الاستئناف المدنية في باريس.

محكمة التمييز الفرنسية اعتبرت ان عدم عرض الكلام على الشخص الملاحق تأديبيا بعد انتهاء مطالعة جميع الفرقاء يشكل مساسا بالحق في المحاكمة العادلة وأضافت ان محكمة الاستئناف تكون قد خالفت النص المشار اليه أعلاه عندما قررت ان تقديم ملاحظات خطية لاحقا للجلسة يمكن ان يحل مكان الحق في ابداء الرأي في الجلسة الأخيرة

لذلك قررت محكمة التمييز نقض القرار الاستئنافي.

(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة المدنية الأولى, بتاريخ 20 فبراير 2019, رقم الطعن 18-12298).

اعداد الدكتور رشاد قبيسي
محام بالاستئناف في باريس.
لمتابعة الصفحة القانونية على الفايسبوك :
https://www.facebook.com/avocatkobeissi

الأربعاء، 28 أغسطس 2019


الكتمان الخادع في البيع العقاري الرسمي.

خلال سنة 2008, باع السيد (اكس) الى الشركة المدنية العقارية (واي) قطعة ارض في جنوب فرنسا وذلك بموجب عقد رسمي موقع لدى كانت العدل، السيدة (يو).
لاحقا لعملية البيع، اكتشفت الشركة المدنية العقارية ان مخططا متعلقا بالتنظيم المدني كان قد اقر سابقا ويؤدي الى مرور طريق عام يربط المحافظات ببعضها وذلك على بعد 300 متر من قطعة الأرض.

استحضرت الشركة (واي),السيد (اكس) امام القضاء مطالبة بإبطال البيع لعلة الخداع.
ادلت الشركة (واي) ان الوكيل العقاري للسيد (اكس) قد عرض العقار المباع على انه يقع في مكان مميز وهادئ وان له اطلالة جميلة على طبيعة المنطقة. وأضافت ان سكوت البائع ووكيله يشكلان كتمانا خادعا يبرر بطلان البيع.
من جهته، ادلى السيد (اكس) انه أراد بيع العقار بهدف شراء عقار جديد وليس رغبة منه بالتخلص منه بسبب مرور الطريق العام، الامر الذي ينفي نية الخداع.
محكمة الاستئناف اعتبرت ان أوراق الملف تبين ان السيد (اكس) رغب ببيع العقار بعدما علم بوجود المخطط التنظيمي وانه قبل، رغم ذلك، اقتراح وكيله العقاري بعرض العقار على أساس انه مكان هادئ وله اطلالة رائعة. كما ان أوراق الملف لا تبين انه اعلم المشترية بوجود هذا المخطط.
اضافت محكمة الاستئناف، ان الطابع الهادئ والجميل للعقار كان له في ذهن المشترية صفة الشيء الجوهري وأنها لم تكن لتتعاقد لو كانت قد علمت بوجود المخطط المروري المذكور.
محكمة التمييز الفرنسية أيدت قرار محكمة الاستئناف معتبرة ان الكتمان الذي مارسه البائع يعتبر خداعا يبرر بطلان عقد البيع الرسمي.
(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة المدنية الثالثة، بتاريخ 11 يوليو 2019, رقم الطعن: 18-18299)
اعداد الدكتور رشاد قبيسي
محام بالاستئناف في باريس.

الأربعاء، 14 أغسطس 2019

فعالية الاحكام القضائية على استعمال صفحات الفايسبوك

في 17 فبراير 2015, نشر السيد (ام ان) عبارات مسيئة عن شركة (ام جي واي) على صفحته الخاصة على الفايسبوك التي تحمل عنوان www.facebook.com/N... وكذلك على مدونته الالكترونية التي تحمل العنوان www.blog.bleu-piment.fr.
استحضرت شركة (ام جي واي) السيد (ام ان) امام قاضي الأمور المستعجلة طالبة الزامه بحذف العبارات المسيئة بحقها وذلك تحت غرامة اكراهية. الامر الذي اعتبره قاضي العجلة محقا.
بعد تبلغه هذا الامر القضائي، قام السيد (ام ان) بحذف العبارات المسيئة عن العنوانين المشار اليها أعلاه فورا.
لاحقا، تقدمت الشركة بطلب تصفية الغرامة امام قاضي التنفيذ مدعية استحقاق هذه التصفية باعتبار ان السيد (ام ان) لم يحذف العبارات المسيئة عن عنوان فايسبوكي اخر يعود له وهو : www.facebook.com/bleupiment.
اعتبر قاضي التنفيذ وكذلك محكمة الاستئناف ان عدم حذف العبارات المسيئة من قبل السيد (ام ان) عن العنوان الأخير يعني عمليا عدم قيامه بتنفيذ الامر القضائي, مما يستتبع الحكم عليه بتصفية الغرامة الاكراهية.
محكمة التمييز الفرنسية اعتبرت ان محكمة الاستئناف التي حكمت كذلك تكون قد خالفت مبدأ نسبية الاحكام, ذلك ان الامر القضائي لم يتضمن الزام السيد (ام ان) الا بحذف العبارات عن الموقعين الاولين وبالتالي فانه لا يمكن لقضاة الأساس تمديد مفعول الامر القضائي الى جميع المواقع الالكترونية العائدة للسيد (ام ان).
قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة المدنية الثانية, بتاريخ 21 مارس 2019, رقم الطعن 17-23640)
اعداد الدكتور رشاد قبيسي
محام بالاستئناف في باريس.

الأحد، 11 أغسطس 2019

انهيار القوة الثبوتية للإقرار بالدين بسبب عدم الإشارة الى قيمة الدين فيه بالأرقام.


خلال السنتين 2011 و2012, أقر السيد (فاء) بدين عليه لمصلحة السيدة (تاء) وحرر بخط يده اقرارين  أشار فيهما الى قيمة الدين بالأحرف دون ان يورد قيمة هذا الدين بالأرقام.

لاحقا، استحضرت السيدة (تاء) السيد (فاء) امام القضاء لمطالبته بدفع مبلغ بقيمة 88700 يورو تنفيذا لهذين الاقرارين.

محكمة الاستئناف المدنية اعتبرت ان غياب الإشارة، في الإقرار بالدين، الى القيمة بالأرقام ليس من شأنه ان يهز القوة الثبوتية لهذا الإقرار وبالتالي يتوجب على السيد (فاء) ان يدفع المبلغ المنصوص عليه في الإقرار.

محكمة التمييز الفرنسية اعتبرت ان العمل القانوني الأحادي الالتزام (تعهد من جانب واحد) والمتضمن الالتزام بدفع مبلغ من المال لا بد ان يكون متمما بسند يحتوي الى توقيع المدين والاشارة الى قيمة الدين بالأرقام والاحرف والا فان هذا السند يفقد قوته الثبوتية ويصبح بمثابة بدء بينة خطية لا بد من استكمالها بوسائل اثبات إضافية.

لذلك قررت محكمة التمييز نقض القرار الاستئنافي المطعون به.

(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة المدنية الأولى, رقم الطعن: 18-10139)
اعداد الدكتور رشاد قبيسي
محام بالاستئناف في باريس.

الجمعة، 9 أغسطس 2019

هل يمكن للكنة ان تمنع حماتها من زيارة حفيدها؟

نتج عن زواج السيد (سين) والسيدة (لام), ثلاثة أولاد, احدهم الطفل (باء).
بحكم ابتدائي صادر في سنة 2013, حصلت والدة السيد (سين), السيدة (دال), على حق الزيارة فيما خص حفيدها (باء).
لاحقا, تقدم والدي الطفل بطلب الغاء حق الزيارة معتبرين ان الخلاف المستحكم بين الحماة (دال) والكنة (لام) يمنع على الحماة كل حق في الزيارة.
أعابت السيدة (دال) على القرار الاستئنافي انه حرمها من حق زيارة حفيدها (باء), معتبرة ان تعليل القرار المستند الى وجود الخلاف المستحكم بينها وبين كنتها يخالف المبادئ والنصوص القانونية التي تعتبر ان المصلحة العليا للولد هي وحدها المعيار الذي يجب الاستناد اليه لرفض حق زيارة الجد او الجدة لحفيدها. وان محكمة الاستئناف لم تبين وجود هذه المصلحة العليا للطفل القاصر.
محكمة التمييز الفرنسية اعتبرت ان الكراهية التي تكنها السيدة (دال) لزوجة ابنها, والتي دفعت هذه الأخيرة الى تقديم شكوى جزائية ضدها بجرم القدح والذم, يؤذي الخلية العائلية, وان غياب النقد الذاتي من الحماة لتصرفاتها لا يمكن الا ان يكون مضرا بالولد.
خلصت المحكمة العليا الى اعتبار قرار محكمة الاستئناف الذي ألغى الحق بالزيارة محقا من الناحية القانونية.
(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة المدنية الأولى, بتاريخ 26 يونيو 2019, رقم الطعن: 18-19017)
اعداد الدكتور رشاد قبيسي
محام بالاستئناف في باريس

الاثنين، 5 أغسطس 2019

انتفاء الصفة المهنية لتغريدات المحامي وتعليقاته الواردة على صفحته الشخصية على الفايسبوك.


تدير شركة (اس سي يو) المتخصصة في مجال الاستشارات والخدمات الإدارية والتجارية موقعين للانترنت متخصصين في مجال مساعدة الأشخاص الطبيعيين والمعنويين على إتمام المعاملات والإجراءات لدى الإدارات والهيئات مهما كانت طبيعتها.

اعتبر المحامي (سين) الشريك في شركة المحاماة المدنية المهنية (اف) ان نشاط الشركة (اس سي يو) يشكل منافسة غير مشروعة وغير قانونية لنشاط أي المحامي وقام بوضع تعليقات على صفحته الخاصة على الفايسبوك مهاجما نشاط الشركة التجارية.

تقدمت شركة (اس سي يو) بدعوى تعويض بوجه شركة المحاماة (اف) معتبرة ان تصرف المحامي يشكل انتهاكا ومساسا بصورة الشركة.

محكمة الاستئناف في مدينة (فرساي) ردت دعوى شركة (اس سي يو) لانتفاء صفة شركة (اف) معتبرة ان ما ارتكبه المحامي (سين) من أفعال مضرة جرى على صفحته الخاصة على الفايسبوك و ليس على صفحة شركة المحاماة.

تقدمت شركة ( اس سي يو) بطعن تمييزي طالبة نقض القرار أعلاه باعتبار ان المحامي (سين) كان قد ارتكب الأفعال بهذه الصفة وان الشركة المدنية تكون مسؤولة بالتضامن مع شركائها عن الاضرار التي يسببها الشركاء في معرض ممارستهم لمهنتهم.

محكمة التمييز الفرنسية ردت الطعن التمييزي معتبرة ان ما يصدر من المحامي على صفحته الخاصة على الفايسبوك لا يدخل في اطار الاعمال المهنية ولا يؤدي بالتالي الى اعمال مسؤوليته المهنية.

ان أهمية هذا القرار تبرز عمليا في انتفاء الحاجة الى اذن نقابة المحامين في معرض ملاحقة المحامي عن الاعمال شبه الجرمية التي يرتكبها على صفحته الخاصة على الفايسبوك.

(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة المدنية الأولى بتاريخ 22 مايو 2019 – رقم الطعن: 17-31320 )

اعداد الدكتور رشاد قبيسي
محام بالاستئناف في باريس.

الخميس، 1 أغسطس 2019


إعطاء الصيغة التنفيذية لقرار تحكيمي اجنبي جرى ابطاله امام القضاء الوطني.


بتاريخ السادس من يناير1999 وقعت الشركة الوطنية المصرية للغاز مع الشركة الوطنية للبترول (قطاع عام) عقد تمديد الغاز لمنطقتين في شرق مصر.

انه بسبب التعديل في قيمة الجنيه المصري المقرر من قبل السلطات المصرية بتاريخ 28 يناير2003, طالبت شركة الغاز الشركة الوطنية للنفط بتحمل جزء من الأعباء النقدية المترتبة على التعديل.

ان الشركة الوطنية للنفط رفضت هذا الامر مما دفع شركة الغاز الى وضع البند التحكيمي الذي يتضمنه العقد موضع التنفيذ وذلك امام المركز الإقليمي للتحكيم التجاري في القاهرة.

انه بتاريخ 12 سبتمبر 2009, أصدرت المحكمة التحكيمية قرار تحكيميا قضى:

-     برد الدفع بعدم القبول المتعلق بانتفاء صفة الشركة الوطنية للبترول.
-     برد الدفع ببطلان العقد بسبب مخالفته احكام الدستور المصري.
-    برد الدفع ببطلان البند التحكيمي.
-    وحكم على الشركة الوطنية للبترول بان تدفع مبلغا من المال الى شركة الغاز مضافا اليها الفوائد القانونية.

ان رئيس محكمة البداية في باريس قد قرر بأمر قضائي صادر بتاريخ 19 مايو 2010 إعطاء الصيغة التنفيذية في فرنسا للقرار التحكيمي المصري.

انه في هذه الفترة أصدرت محكمة الاستئناف القاهرة بتاريخ 27 مايو 2010 قرار قضى بإبطال القرار التحكيمي لكون المحكمة التحكيمية لم تحصل على الموافقة المسبقة للوزير المختص لإجراء التحكيم.

ان الشركة الوطنية المصرية للبترول استأنفت الامر القضائي القاضي بإعطاء الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي وذلك امام محكمة استئناف باريس مدلية ان المحكمة التحكيمية قد اعتبرت خطأ نفسها مختصة باعتبار ان البند التحكيمي كان قد تم التنازل عنه مع العقد الأساسي الى شركة (أي غاز) وذلك نتيجة قرار الزامي من وزير النفط المصري وان البند التحكيمي باطل باعتبار انه يخالف النظام العام.

كما اضافت الشركة الوطنية المصرية للبترول ان المحكمين قد خالفوا مبدأ الوجاهية باعتبار انهم قبلوا مستندات بعضها غير قابل للقراءة من قبل شركة الغاز وان هذه المستندات كان يجب ان تعرض للنقاش على خبراء.

وأخيرا اضافت الشركة الوطنية المصرية ان القرار التحكيمي قد جرى ابطاله في مصر بحكم قضائي نهائي مما ينفي إمكانية إعطاء الصيغة التنفيذية في فرنسا لقرار تحكيمي باطل في مصر.

اما شركة الغاز فطلبت بتأييد الامر القضائي القاضي بإعطاء الصيغة التنفيذية معتبرة انه يقتضي رد الدفع بانعدام صفة الشركة الوطنية للنفط ذلك ان التفرغ عن العقد بين هذه الأخيرة وبين شركة (أي غاز) لم يكن قد تم إبلاغه اليها ولم تكن قد أعطت رضاها حوله وبالتالي لا يمكن الاعتداد به بوجهها.

اضافت شركة الغاز ان الدفع بعدم احترام مبدأ الوجاهية يقتضي رده باعتبار ان المحكمة التحكيمية كانت قد أعطت الوقت اللازم للفرقاء لدراسة الأوراق المقدمة للنقاش وان هذه المحكمة ردت الدفع بعدم الاختصاص المقدم بصورة متأخرة.

وأضافت أخيرا, ان النظام العام المصري المبطل للعقد الأساسي هو نظام عام داخلي لا يمتد أثره الى النظام العام الدولي وان بطلان القرار التحكيمي في مصر يكون غير ذي أهمية على إعطاء الصيغة التنفيذية في فرنسا.

محكمة الاستئناف الفرنسية اعتبرت ان البند التحكيمي يعتبر مستقلا عن العقد الذي يحتويه بطريقة ان وجود او فعالية هذا البند يتم تقديرها وفقا لإرادة الفرقاء مع وجوب احترام الاحكام الإلزامية الفرنسية ودون ضرورة اللجوء الى القانون المصري. 

بالتالي, اعتبرت محكمة الاستئناف انه وان تم اعتبار التنازل عن العقد قائما الا ان ذلك لا يؤثر على فعالية البند التحكيمي المنصوص عليه في العقد الأساسي الموقع سنة 1999. وأضافت ان أوراق الملف تبين ان الشركة الوطنية للنفط استمرت في التعامل مع شركة الغاز بحيث ان إرادة الفرقاء اتجهت الى الاستمرار في تنفيذ الموجبات التعاقدية الناشئة عن العقد الموقع في سنة 1999.

من جهة أخرى, اعتبرت محكمة الاستئناف الباريسية ان نظامية القرارات التحكيمية يتم فحصها وفقا لقواعد الدولة التي سيتم تنفيذها فيها وان الموجب الوحيد للقاضي الفرنسي في هذه الحالة هو احترام قواعد النظام العام الفرنسي. وأضافت ان اتفاقية التعاون القضائي بين فرنسا ومصر لم تجعل من ابطال القرار التحكيمي في مصر سببا لرفض إعطاء الصيغة التنفيذية في فرنسا.

اما فيما خص الدفع بعدم احترام مبدأ الوجاهية، فان محكمة الاستئناف اعتبرت ان هذا المبدأ يعني ان على المحكمين ان يتأكدوا من ان الفرقاء قد تبادلوا طلباتهم في الوقائع والقانون وانهم استطاعوا مناقشتها بين بعضهم وان هذا المبدأ لا يعني, على الاطلاق ,ان على المحكمة التحكيمية ان تأخذ الرأي المسبق للفرقاء فيما يتعلق بالتعليل القانوني الذي ستعتمده هذه الأخيرة.

وأضافت محكمة الاستئناف ان أوراق الملف تبين ان المحكمة التحكيمية كانت قد أعطت فرصة أخيرة للفرقاء لتقديم مذكرة نهائية بعد انتهاء المرافعات لتقديم تصورهم حول النقاط الجديدة التي أثيرت في المرافعة وان المستشار القانوني للشركة المدعية بعدم احترام مبدأ الوجاهية قد قدم مذكرته.

لجميع هذه الأسباب قررت محكمة الاستئناف تأييد الامر القضائي الصادر عن قاضي الدرجة الأولى والذي قضى بإعطاء الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي المصري.

(قرار صادر عن محكمة استئناف باريس بتاريخ 21 مايو 2019 – رقم الملف 17/19850 )

اعداد الدكتور رشاد قبيسي
محامي بالاستئناف في باريس.


الأحد، 28 يوليو 2019

التوصيف القانوني لفقدان ورقة اللوتو واستردادها بموجب اتفاق غير مجاني.


حضرت السيدة (الف) الى مركز اليانصيب الوطني الفرنسي مطالبة بان يدفع لها مبلغ 163 مليون يورو نتيجة حملها للبطاقة الرابحة للجائزة الكبرى المسحوبة بتاريخ 13 سبتمبر 2011, الا انها اشارت انها وجدت هذه البطاقة في الشارع بالصدفة.

بعد عدة أيام, حضر السيد (اكس) الى المركز نفسه مدعيا بانه سحب ورقة يانصيب لكنه اضاعها مقدما اثباتات عن كونه الساحب الفعلي للبطاقة الرابحة.

قررت إدارة اليانصيب عدم دفع الجائزة لأي منهما مطالبة اياهما بالتوصل الى اتفاق ودي. 

ان هذا الاتفاق جرى التوقيع عليه وقضى بمنح السيد (اكس)  للسيدة (الف) مبلغا قدره 12 مليون يورو مقابل تراجعه عن الاعتداد بحيازة البطاقة الرابحة.

لاحقا, قررت الإدارة الضريبية اخضاع المبلغ الذي قبضته السيدة (الف) الى الضريبة على الربح الصافي. في حين ادلت هذه السيدة بان المبلغ هو نتيجة ربح من العاب وبالتالي لا يخضع للضريبة.

تقدمت السيدة (الف) بمذكرة امام المحكمة الإدارية مطالبة بإلغاء امر الدفع الصادر عن الإدارة الضريبية. فيما اعتبرت الإدارة الضريبية ان الاتفاق المذكور أعلاه يجعل المبلغ المقبوض ناتجا عن عمل قانوني مواز لعقد تنازل غير مجاني مما يجعله ربحا قابلا للضريبة.

محكمة الاستئناف الإدارية في باريس قررت اعفاء السيدة (الف) من أي ضريبة معتبرة ان هذه السيدة وان كانت حائزة للبطاقة الرابحة, الا انها لا تعتبر مالكة للمال الذي يمكن قبضه عبر هذه البطاقة وبالتالي فان الاتفاق المعقود بين الفريقين لا يتضمن أي تنازل عن مال منقول محدد القيمة.

اضافت المحكمة ان غياب هذا التنازل عن المال من قبل السيدة (الف) ينفي صفة الربح وبالتالي ينفي حق الإدارة الضريبية بالمطالبة بالضرائب المحتملة عن تنفيذ الاتفاق موضوع الدعوى.

( قرار صادر عن محكمة الاستئناف الإدارية في باريس بتاريخ 27 يونيو 2019 – رقم القرار: 18PA02470)

اعداد الدكتور رشاد قبيسي.
محام بالاستئناف في باريس.

اثر التغريد الفايسبوكي على الحق في تجديد الاقامة.


تقدم السيد (باء)، المغربي الجنسية والمقيم بصورة مشروعة في فرنسا من فترة، بطلب تجديد اقامته لدى مركز محافظة مدينة باريس.

اعترض المحافظ على تجديد الاقامة معتبرا ان الاراء التي يدلي بها المستدعي على الفايسبوك تنم عن تعبير حاقد تجاه المجتمع الغربي على وجه عام والمجتمع الفرنسي على وجه خاص.

كما ان المحافظ علل قراره بكون الصفحة الفايسبوكية للسيد (باء) تبين ترويجه لاراء اسلامية متطرفة.
اضاف المحافظ ان رفض تجديد الاقامة يستوجب الطلب من المستدعي مغادرة الاراضي الفرنسية خلال المهل القانونية.

اعترض السيد (باء) امام المحكمة الادارية في باريس على قرار المحافظ مدليا بتجاوزه حد السلطة وباستناده الى غلط في تفسير الوقائع وتعليلها القانوني.

اعتبرت المحكمة الادارية ان اوراق الملف تبين بوضوح ان وجود هذا الشخص على الاراضي الفرنسية يشكل " خطرا جسيما" على النظام العام للمجتمع الفرنسي وايدت قرار المحافظ..

من جهتها، ايدت محكمة الاستئناف الادارية حكم قضاة الدرجة الاولى وذلك بقرار صادر بتاريخ الثاني عشر من تموز ٢.١٩.

يشكل هذا القرار برأيي سابقة قضائية جديرة بالاهتمام وتوجب الانتباه الى ضرورة عدم تجاوز الحرية في التعبير حدود القانون.
اعداد المحامي الدكتور رشاد قبيسي.

السبت، 6 أبريل 2019

التراجع الضمني عن الحق في الاستئناف في معرض الغلط المادي في الحكم.



اعتبرت محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة المدنية الثانية، في جلستها العلنية بتاريخ الخميس 10 يناير 2008, ان التنفيذ الارادي للحكم الابتدائي غير المقترن بالتنفيذ المعجل، لا يشكل قبولا بهذا الحكم وتراجعا عن الحق في الاستئناف، طالما ان الحكم الابتدائي كان قد أشار خطأ الى انه صادر بالدرجة الأخيرة.


وجاء في حيثيات القرار: 

"حيث وفقا للقرار المطعون به والأوراق المقدمة في الملف ان السيد (اكس), بصفته مدير شركة (لامولين) قد قام بدفع قيمة العقوبة الصادرة بوجهها بموجب حكم كان قد أشار بالغلط الى انه قد صدر بالدرجة الأخيرة و ان مستند تبليغ هذا الحكم كان قد أشار الى كونه معجل التنفيذ.

حيث لكي يعلن الاستئناف غير مستوجب القبول فان القرار الاستئنافي اعتبر ان الشركة قد قبلت ضمنا هذا الحكم عبر قيامها بالتنفيذ دون أبداء أي تحفظ, رغم ان الحقيقة هي ان الحكم الابتدائي كان قابلا للاستئناف ولم يكن معجل التنفيذ.
أن محكمة الاستئناف إذ تقرر كذلك في حين أن شركة (لامولين) كانت قد دفعت مستندة الى ما ورد في الحكم الابتدائي من تعابير مغلوطة والى الغلط الوارد أيضا في محضر التبليغ، فان هذه المحكمة تكون قد خالفت نص المادة المشار اليه أعلاه.
لهذه الأسباب التعليلية :
تنقض وتبطل, في جميع فقراته الحكمية, القرار الاستئنافي" 



اعداد المحامي الدكتور رشاد قبيسي.

الجمعة، 29 مارس 2019


تفضيل إرادة الموصي على النص القانوني غير المعتبر من النظام العام.

تمتلك السيدة (باء) شقة سكنية في منطقة فرانكوفيل الفرنسية حيث تقيم معها ابنتها السيدة (الف) منذ سنة 1986.
خلال سنة 2008, حررت السيدة (باء) وصية بخط يدها، اوصت بها " بملكية الشقة الى ابنتها (الف), على ان لا تسبب هذه الأخيرة لأشقائها ايه مصاعب وعلى ان يكون لهؤلاء الحق- ان أرادوا- في الاعتراض على هذه الوصية".
بعد وفاة السيدة (باء) تاركة أولادها الثلاث، تمنعت السيدة (الف) عن ابداء رأيها بقبول الوصية او رفضها، كما ان رفضت دفع ما يتوجب عليها من أعباء طبيعة على ملكية الشقة للجنة البناية، الامر الذي دفع لجنة البناية على إقامة دعوى ضد الاشقاء لمطالبتهم بدفع المتأخرات المتوجبة.
لاحقا قررت السيدة (الف) المطالبة بملكية الشقة مدلية ان القانون المدني الفرنسي يعطي افضلية في الملكية العقارية للوريث الذي كان يسكن الشقة عند وفاة المورث. 
رد اشقاء السيدة (الف) ان الأولوية هي لاحترام إرادة الموصي عبر تطبيق الوصية، الامر الذي يوجب رد طلب شقيقتهم باعتبار ان تصرفها بعد وفاة الوالدة قد سبب لهم "مصاعب" تمنع حصولها على ملكية الشقة كاملة.
ردت السيدة (الف) بانها لم تقم ابدا بالمطالبة بتطبيق الوصية وان نص القانون أولى بالتطبيق من نص الوصية.
قضاة محكمة الاستئناف اعتبروا ان نص القانون الذي يمنح افضلية التملك العقاري للوريث الذي يشغل الشقة ليس من النظام العام وانه يقتضي في هذه الحالة الاخذ بوصية الموصي وتطبيقها على المصالح المتناقضة موضوع النزاع.
محكمة التمييز الفرنسية ايدت قرار محكمة الاستئناف معتبرة ان قضاة الأساس لا يكونوا ملزمين بتطبيق نص قانوني لا يعتبر من النظام العام ويمكنهم انطلاقا من تقدير المعطيات الواقعية الواردة في الملف البت بصورة سليمة في النزاع.
(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة المدنية الأولى, في جلسة علنية بتاريخ 13 فبراير 2019, رقم الطعن: 18-14580, طبيعة القرار: رد الطعن التمييزي).
اعداد المحامي الدكتور رشاد قبيسي.

الجمعة، 22 مارس 2019

الطبيعة القانونية لموجب الاعلام المنصوص عليه قانونا. 

أصيب السيدة (اكس) بمرض اوجب عليها التعطيل عن العمل، الامر الذي دفعها الى مطالبة الضمان الاجتماعي بدفع بدل التعطيل اليومي عن العمل المنصوص عنه قانونا.
لاحقا، شكك صندوق الضمان الاجتماعي بجدية مرض السيدة (اكس) الامر الذي دفعه الى وقف دفع البدل اليومي دون ان يعلم السيدة مسبقا بقراره بتعليق الدفع.
تقدمت السيدة (اكس) بمراجعة امام محكمة الضمان الاجتماعي طالبة إلزام الصندوق بالدفع.
طالب الصندوق برد الطلب مدليا بان صرف البدل المشار اليه يوجب الاثبات الطبي للتعطيل عن العمل، وانه في حالة النزاع حول جدية الحالة المرضية، فانه يقتضي اللجوء الى خبير. بالتالي فانه يكون مسندا من الناحية القانونية لتعليق دفع البدل الى حين تقرير الخبير النهائي حول مرض المستفيدة.
قضاة الأساس رفضوا اجراء الخبرة المطلوبة، معتبرين ان احكام قانون الضمان الاجتماعي تمنع على صندوق الضمان تعليق دفع البدلات اليومية للتعطيل عن العمل الا بعد تبليغ المستفيد بقرار التعليق، الامر الذي يجب اثباته امام قضاة الأساس والا فان الصندوق يبقى ملزما بالدفع.
يببن هذا القرار ان موجب الاعلام الحمائي المنصوص عليه قانونا هو من احكام النظام العام الذي لا يمكن للمدين به ان يخالفه او ان يحاول تجاوزه عبر قلب عبء الاثبات على المستفيد من هذا الموجب.
 (قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة المدنية الثانية في جلسة علنية بتاريخ 24 كانون الثاني 2019, رقم الطعن 18-10415).
اعداد المحامي الدكتور رشاد قبيسي