نقول بداية انه لا بد من التمييز بين استرجاع الجنسية الفرنسية وبين اكتساب
الجنسية الفرنسية. ان استرجاع الجنسية الفرنسية تحكمه مجموعة القواعد التي تحدد
الحالات التي يعتبر فيها المستدعي فرنسيا منذ الولادة في حين ان
اكتساب الجنسية يعني ان المستدعي الاجنبي توافرت فيه بعض الشروط الموضوعية
والشخصية التي تخوله الحصول على الجنسية ابتداء من تاريخ صدور قرار اداري بذلك
وبصورة مستقبلية.
تختلف إذا القواعد التي ترعى استرجاع الجنسية عن تلك التي ترعى الحق في
اكتسابها. نتناول في مقالنا هذا موضوع الاسترجاع على ان نقوم لاحقا بتقديم شرح
موسع لموضوع اكتساب الجنسية في مقالات اخرى.
يمكن استرجاع الجنسية الفرنسية في حالتين: الاولى تتعلق بالحق بالجنسية بسبب
النسب والثانية تتعلق بالحق في استرجاعها بسبب الولادة على الاراضي الفرنسية.
المبحث الاول: استرجاع الجنسية الفرنسية لعلة النسب.
تنص المادة 18 من القانون المدني الفرنسي على: "هو فرنسي، الولد الذي
يكون أحد والديه على الاقل فرنسيا". نضيف انه منذ العام 2005, لا يميز القانون الفرنسي فيما خص الحق في الحصول على
الجنسية الفرنسية بين الولد الشرعي والولد الطبيعي اي ذلك الذي يلد خارج علاقة
الزوجية.
الفقرة الاولى: في كيفية اثبات النسب.
بداية نشير الى ان اثبات النسب لا بد ان يتم في مرحلة قصور الولد ـ اي قبل
بلوغه سن الرشد ـ لكي يتمكن من الاستفادة من الجنسية الفرنسية، بمعنى اخر ان الشخص
الراشد الذي يتقدم باثبات نسبه من اب او ام فرنسية لا يمكنه الاعتداد بوجه الدولة
الفرنسية بحقه في استرجاع الجنسية.
ان مسألة النسب تستدعي البحث في كيفية اثباته وهنا لا بد من معرفة كيفية اثبات
النسب من جهة الام والنسب من جهة الاب. في هذا المجال نشير الى نص المادة 310ـ3 من
القانون المدني الفرنسي التي تنص على: ان النسب يتم اثباته عبر وثيقة الولادة, او
عبر الاعتراف بالنسب من احد الوالدين, او بسبب العمل المثبث لحالة الوضع الحائز
للنسب".
من هنا يمكن القول ان مجرد ذكر اسم الام الفرنسية في وثيقة الولادة العائدة
للمولود يكفي بحد ذاته الى اعتبار نسبه اليها قائما وهذا ما اكدت عليه صراحة محكمة
التمييز الفرنسية التي اعتبرت ان احتواء وثيقة الولادة لاسم الام يكون كافيا
لاثبات النسب وانه بالتالي لا يجوز لقضاة الاساس الناظرين في دعوى استرجاع الجنسية
ان يضيفوا اي شرط اخر ولا سيما الطلب الى المستدعي تقديم افادة اعتراف من والدته
بنسبه اليها <تمييز
فرنسي, الغرفة المدنية الاولى, بتاريخ 25 نيسان 2006, رقم الطعن: 05ـ16.841>.
ان وثيقة الولادة التي تتضمن اسم الاب الفرنسي إذا كانت الام اجنبية تكون
كافية بذاتها إذا صدرت عن الادارة الفرنسية. اما اذا صدرت عن دولة اجنبية فتكون
كافية لاثبات النسب والحق في استرجاع الجنسية طالما ان الولد كان نتيجة زواج شرعي,
اما اذا ولد الولد في الخارج من اب فرنسي وام اجنبية من علاقة غير مشروعة, فلا بد
بالاضافة الى وثيقة الولادة التي تبين اسم الاب الفرنسي من تقديم مستند رسمي اجنبي
يبين قبول الاب لنسب الولد اليه وفقا للشروط والاليات المعتمدة في القانون
الاجنبي. فاذا كان القانون الاجنبي يوجب للاعتراف بالابن المولود من علاقة غير
شرعية أن يحصل الاب على حكم بنسبه فانه يجب ان يتقدم يقدم المستدعي هذا الحكم
الاجنبي كدليل اضافي لاسترجاع الجنسية.
إذا لم يتمكن المستدعي من الحصول على وثيقة ولادة تثبت نسبه الى والدته او
لوالده، او اذا ولد في دولة لا تصدر هكذا وثيقة, فيمكنه ان يحل محل
وثيقة الولادة حكما اجنيا قضائيا مثبتا لنسبه اليها على ان يكون هذا الحكم صحيحا
وسليما وصادرا عن سلطة قضائية اجنبية مختصة.
كما يمكن للمستدعي الذي لا يحوز وثيقة الولادة المثبتتة لنسبه لامه او لوالده
ان يلجأ الى طلب فحص الحمض النووي شرط ان يتقدم بمستندات اخرى تثبت احقيته في
استرجاع الجنسية الفرنسية.
عند عدم امكانية المستدعي الحصول على وثيقة ولادة او على حكم أجنبي يثبت حقه
باسترجاع الجنسية، فيمكنه ان يثبث نسبه لاحد والديه بتقديمه مجموعة كافية من
الوقائع المثبتة والمؤشرات الجدية التي تبين وجود رابطة نسب بينه وبين العائلة
الفرنسية التي يدعى بنسبه اليها ويجب في هذه الحالة ان يتم اثبات النسب في خلال
مرحلة قصر الولد اي قبل بلوغه سن الرشد. من هذه الاثباتات الواقعية نشير مثلا الى:
وثيقة الولادة الاجنبية التي تبين اسم الام الاجنبية مع تقديم صور للعائلة منذ
الصغر، مع تقديم افادات من اعضاء من العائلة والاقارب والاعمام والاخوال تبين ان
هذا الولد هو ابن الاب الفرنسي.
الفقرة الثانية: في اثار النسب على الجنسية.
أشرنا الى ان الولد الذي يستطيع اثبات نسبه خلال مرحلة قصوره الى اب او ام
فرنسية يكون له الحق في استرجاع الجنسية الفرنسية، ذلك ان اثبات النسب للام او
الاب الفرنسي – او للجد او للجدة الفرنسية – يكون له مفعول رجعي بمعنى ان المستدعي
يصبح قرنسيا منذ تاريخ ولادته.
كما نشير الى ان الشخص الذي استرجع جنسيته الفرنسية يبقى محتفظا بها بعد
تجنيسه حتى ولو تم الطعن بصحة نسبه، ذلك ان وضع النسب موضع الشك بعد استرجاع الجنسية يكون دون أثر عليها.
المبحث الثاني: استرجاع الجنسية الفرنسية لعلة الولادة على الاراضي الفرنسية.
لكي اكون واضحا منذ البداية، ان الولادة على الاراضي الفرنسية لا تعطي الحق في
الجنسية الفرنسية الا في حالات استثنائية هدفها حماية مصلحة المولود. إذا ان مجرد الولادة على الاراضي الفرنسية
لا يؤدي الى الحصول على الجنسية الفرنسية.
ان الولادة على الاراضي الفرنسية تعطي الحق باسترجاع الجنسية الفرنسية في
حالتين: الاولى هي الولد الذي لا جنسية اخرى له عند ولادته، الثانية هو الولد
المولود في فرنسا من اب غير فرنسي ولد ايضا غلى اراض فرنسية.
الفقرة الاولى: استرجاع الجنسية للمولود في فرنسا ولا جنسية اخرى له.
تكون هذه الحالة قائمة في حالة الولد المولود على الاراضي الفرنسية ولكن لم
يكن بالامكان معرفة ابويه فيكون فرنسيا منذ ولادته.
يسقط حقه في الجنسية الفرنسية إذا تم الاعتراف بنسبه لاب او لام اجنبية خلال
مرحلة قصوره وكان قانون الاب او الام يمنحه الجنسية الاجنبية.
اما إذا تم الاعتراف بنسبه بعد بلوغه سن الرشد فيبقى فرنسيا ولا يعتد بهذا
النسب على الجنسية
كما تكون هذه الحالة قائمة عندما يكون الولد المولود على الاراضي الفرنسية
ابنا لاب وأم لا يكتسبان اي جنسية. ففي هذه الحالة يصبح المولود فرنسيا منذ ولادته
لكون والديه عدم مكتسبين لاي جنسية اخرى.
كما تكون هذه الحالة قائمة بالنسبة للولد المولود على الاراضي الفرنسية من اب
او ام مكتسبين لجنسية اجنبية ولكن قانون دولتهم يمنع على ابنهم اكتساب الجنسية
الاجنبية لانه ولد خارج اراضي الدولة التي ينتمون اليها. ففي هذه الحالة، يكون
ابنهم فرنسيا منذ ولادته ولكن عليهم اثبات عدم قبول دولتهم اعطاء ابنهم جنسيتها.
كما تكون هذه الحالة قابلة للتطبيق على الولد المولود في فرنسا من اب او ام
مسلمين غير فرنسيين من علاقة غير شرعية، اذا كان قانون دولتهم يمنع الاعتراف
بالولد ونسبه الى اي منهما وهنا لا بد من دراسة كل قضية على حدة.
الفقرة الثانية: استرجاع الجنسية للمولود في فرنسا وكان والده فرنسيا قبل
استقلال دولته.
بحسب نص المادة 19ـ3 من القانون المدني الفرنسي: هو فرنسي الولد المولود على
الاراضي الفرنسية من اب او ام ولد على الاراضي الفرنسية. من هنا يكون لهذا الولد
الحق في استرجاع جنسيته الفرنسية.
هنا يطرح تساؤل عن احقية الشخص المولود في فرنسا من اب او ام غير فرنسيين كانا
ولدا على احدى الاراضي التي كانت فرنسية قبل استقلالها.
تنص المادة ٢٣ من القانون الفرنسي الصادر في 9 يناير1973, المعدلة سنة 1993,
على ان المادة 19ـ3 المشار اليها اعلاه" تطبق على الاولاد المولودين في فرنسا
قبل تاريخ الاول من يناير 1994 من اب ولد على احدى الاراضي التي كانت تعتبر عند
ولادة هذا الاب مستوطنة فرنسية او اراض فرنسية".
في هذه الحالة، يمكن للولد المولود في فرنسا استرجاع الجنسية الفرنسية شرط ان
يثبت ان اباه او امه ولد في هذه الاراضي عندما كانت فرنسية. يمكن اثبات ذلك عبر وثيقة ولادة للاب تبين ولادته قبل الاستقلال.
للتوضيح نشير ان الاراضي التي اشار اليها النص لا تشمل البلاد التي كانت خاضعة
للانتداب او الوصاية وبالتالي فان الدول التي كانت تعتبر اراض فرنسية
هي :الجزائر, بنين, بوركينا فاسو, افريقيا الوسطى, جزر القمر, الكونغو,ساحل العاج,
جيبوتي, الغابون, غينيا, مدغشقر, مالي, موريتانيا, النيجر, السنغال, وتشاد.
لا يدخل في هذه الاراضي اذا كل من لبنان, سوريا, مصر, تونس وغيرهم...
اشير هنا الى استثناء يتعلق بالشخص الجزائري المولود في فرنسا من اب ولد في
الجزائر قبل تاريخ الاستقلال وهو الاول من يناير 1962. من هنا ان الشخص الجزائري
المولود في فرنسا يمكنه الحصول على الجنسية دون شروط اخرى غير اثبات ان والده ولده
في الجزائر قبل تاريخ الاستقلال.
شكرا على التوضيح
ردحذفهل يمكن التخلي عن الجنسية الفرنسية وإستبدالها بالجزائرية ثم إسترجاع الجنسية الفرنسية مرة أخرى؟
ردحذف