يتسآل
البعض في المجتمعات العربية عن اهمية الاداء الفكري الذي يقدمه المحامي في اطار
عمله القانوني معتبرا بان عمل المحامي يبدو فرعيا بالنظر الى الدور الذي يلعبه
القاضي في الدعوى ذلك ان الشائع هو ان الحكم القضائي تتم صياغته من قبل الاخير وفقا
لقناعاته المستمدة من اوراق الدعوى دون ان يكون ملزما بالاخذ باسباب الدفاع
الموضوعية التي يدلي بها احد الفريقين. بالاضافة الى هذا الرأي, يذهب آخرون الى
الادعاء بان هذا الاداء الفكري لا يعدو كونه " حبرا على ورق" مفرغين على
المحامي اي دور فعلي في التحديث القانوني ومعتبرين بان هذا التحديث لا ينشأ الا عن
تآلف العطاء الاكاديمي لاساتذة الجامعات مع التطبيق العملي له من قبل القضاء.
ان نقد
هذه الافكار المتداولة يبدو ذا اهمية لاسباب عديدة اهمها:
- ان هذه الافكار هي عبارة عن تراكمات وجدت اساسها في غياب الوعي القانوني وفي
انعدام تدريس مواد القانون منذ المراحل الاساسية للتعليم. من هنا تبدو الدعوة
ضرورية لجميع الهيئات القانونية في العالم العربي الى الطلب من حكوماتها ادراج
تدريس مواد القانون في المدارس. فالقانون هو عبارة عن مادة علمية قابلة للاستيعاب
والتطوير وبالتالي من الممكن ان تدخل في منهجيات التعليم كما هو الحال في مواد
الرياضيات وعلم الاحياء وغيرها.
- ان دور المحامي في الدعوى لا يقتصر فقط على مرافقة المتخاصمين بل يتجاوزه الى
تمثيل الفرقاء امام القضاء. ان مفهوم التمثيل يعني ان يقوم المحامي بالحلول
الوظيفي مكان الفريق الذي يمثله مما يجعل منه فريقا اساسيا في اجراءات
الدعوى, الامر يتيح له توجيهها وفقا لقدرته على الادلاء باسباب دفاع او دفوع شكلية
او موضوعية. من هنا الدعوة الى المحامين ولا سيما الشباب في الانخراط في دورات
تدريبية تهدف الى توسيع الافاق القانونية وتشكل سندا صلبا لاكتساب الخبرة العملية.
- ان دور المحامي لا يقتصر فقط على الامور القضائية فهو بالاضافة الي التمثيل
امام القضاء يمارس دورا قانونيا بحتا ينقسم من جهة الى مهامه في صياغة العقود
وكتابة الاوراق القانونية للشركات بما فيها محاضر الجمعيات العمومية العادية وغير
العادية والى تقديم الاستشارات القانونية من جهة اخرى مما يسهل عدم الوقوع في
خلافات قانونية وقضائية لاحقة. بالاضافة الى ذلك لا بد من الاشارة الى دور المحكم
الذي من الممكن ان يقوم به المحامي في اطار عمليات التحكيم او الوساطة.
- ان الدور الذي يلعبه بعض المحامين باستخدامهم الجاد والمميز لاساليب التعليل
القانوني كالمقاربة والمقارنة والقياس وغيرها من شأنه ان يجعل القضاء متميزا في
احكامه, دقيقا في تعليلها و تبويبها مما يسمح بالقول ان دور المحامي يكون فاعلا في
عملية التحديث القانوني ان على صعيد الشكل او على صعيد المضمون.
في
النهاية, ان من يلجأ الى طلب خدمات المحامي القانونية عليه ان يدرك الامور التالية:
- ان المحامي هو العقل الذي يجعل من القانون اداة طيعة بين يديه ليفكر و يحلل
ويحمي موكله.
- ان المحامي رجل يقف بين ثغرات القانون ليقنع القاضي بصحتها ولا يجعل موكله يقع
في هذه الحفر ومخاطرها.
- ان المحامي هو الكتاب الذي يقرأه القاضي ليستنير به عند كتابة احكامه.
- ان المحامي هو الذي يمكن ان يمنع الخلاف بنصحه لموكله ولا يجعله ينتظر الدعوى
القضائية ليتحرك.
- ان المحامي يعمل لخدمة زبونه ولمصلحته ولا يعمل لديه.
- ان عمل المحامي هو عمل علمي ومنهجي وهو على هذا الاساس يستحق الاجر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.