الجمعة، 29 مارس 2019


تفضيل إرادة الموصي على النص القانوني غير المعتبر من النظام العام.

تمتلك السيدة (باء) شقة سكنية في منطقة فرانكوفيل الفرنسية حيث تقيم معها ابنتها السيدة (الف) منذ سنة 1986.
خلال سنة 2008, حررت السيدة (باء) وصية بخط يدها، اوصت بها " بملكية الشقة الى ابنتها (الف), على ان لا تسبب هذه الأخيرة لأشقائها ايه مصاعب وعلى ان يكون لهؤلاء الحق- ان أرادوا- في الاعتراض على هذه الوصية".
بعد وفاة السيدة (باء) تاركة أولادها الثلاث، تمنعت السيدة (الف) عن ابداء رأيها بقبول الوصية او رفضها، كما ان رفضت دفع ما يتوجب عليها من أعباء طبيعة على ملكية الشقة للجنة البناية، الامر الذي دفع لجنة البناية على إقامة دعوى ضد الاشقاء لمطالبتهم بدفع المتأخرات المتوجبة.
لاحقا قررت السيدة (الف) المطالبة بملكية الشقة مدلية ان القانون المدني الفرنسي يعطي افضلية في الملكية العقارية للوريث الذي كان يسكن الشقة عند وفاة المورث. 
رد اشقاء السيدة (الف) ان الأولوية هي لاحترام إرادة الموصي عبر تطبيق الوصية، الامر الذي يوجب رد طلب شقيقتهم باعتبار ان تصرفها بعد وفاة الوالدة قد سبب لهم "مصاعب" تمنع حصولها على ملكية الشقة كاملة.
ردت السيدة (الف) بانها لم تقم ابدا بالمطالبة بتطبيق الوصية وان نص القانون أولى بالتطبيق من نص الوصية.
قضاة محكمة الاستئناف اعتبروا ان نص القانون الذي يمنح افضلية التملك العقاري للوريث الذي يشغل الشقة ليس من النظام العام وانه يقتضي في هذه الحالة الاخذ بوصية الموصي وتطبيقها على المصالح المتناقضة موضوع النزاع.
محكمة التمييز الفرنسية ايدت قرار محكمة الاستئناف معتبرة ان قضاة الأساس لا يكونوا ملزمين بتطبيق نص قانوني لا يعتبر من النظام العام ويمكنهم انطلاقا من تقدير المعطيات الواقعية الواردة في الملف البت بصورة سليمة في النزاع.
(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة المدنية الأولى, في جلسة علنية بتاريخ 13 فبراير 2019, رقم الطعن: 18-14580, طبيعة القرار: رد الطعن التمييزي).
اعداد المحامي الدكتور رشاد قبيسي.

الجمعة، 22 مارس 2019

الطبيعة القانونية لموجب الاعلام المنصوص عليه قانونا. 

أصيب السيدة (اكس) بمرض اوجب عليها التعطيل عن العمل، الامر الذي دفعها الى مطالبة الضمان الاجتماعي بدفع بدل التعطيل اليومي عن العمل المنصوص عنه قانونا.
لاحقا، شكك صندوق الضمان الاجتماعي بجدية مرض السيدة (اكس) الامر الذي دفعه الى وقف دفع البدل اليومي دون ان يعلم السيدة مسبقا بقراره بتعليق الدفع.
تقدمت السيدة (اكس) بمراجعة امام محكمة الضمان الاجتماعي طالبة إلزام الصندوق بالدفع.
طالب الصندوق برد الطلب مدليا بان صرف البدل المشار اليه يوجب الاثبات الطبي للتعطيل عن العمل، وانه في حالة النزاع حول جدية الحالة المرضية، فانه يقتضي اللجوء الى خبير. بالتالي فانه يكون مسندا من الناحية القانونية لتعليق دفع البدل الى حين تقرير الخبير النهائي حول مرض المستفيدة.
قضاة الأساس رفضوا اجراء الخبرة المطلوبة، معتبرين ان احكام قانون الضمان الاجتماعي تمنع على صندوق الضمان تعليق دفع البدلات اليومية للتعطيل عن العمل الا بعد تبليغ المستفيد بقرار التعليق، الامر الذي يجب اثباته امام قضاة الأساس والا فان الصندوق يبقى ملزما بالدفع.
يببن هذا القرار ان موجب الاعلام الحمائي المنصوص عليه قانونا هو من احكام النظام العام الذي لا يمكن للمدين به ان يخالفه او ان يحاول تجاوزه عبر قلب عبء الاثبات على المستفيد من هذا الموجب.
 (قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة المدنية الثانية في جلسة علنية بتاريخ 24 كانون الثاني 2019, رقم الطعن 18-10415).
اعداد المحامي الدكتور رشاد قبيسي





السبت، 16 مارس 2019

هل يسقط العيب الخفي عند وجود الشك في حالة المبيع؟

في بداية العام 2011 عرضت السيدة (نون) سيارة الفا روميو مستعملة للبيع بسعر 9000 يورو مشيرة الى ان السيارة قد سارت منذ شرائها من الشركة مسافة 123400 كلم.
تقدم السيد (هاء) لشراء السيارة واشتراها بعد تفاوض بسعر 8000 يورو.
بعد يومين من البيع، واثناء قيادته السيارة المشتراة, تعرضت الأخيرة لعطل في الحزام الناقل للحركة.
بعد عرض السيارة على الخبير، اعلن هذا الأخير ان العطل ما كان ليحصل لو انه تم احترام المعطيات التي تطلبها الشركة المصنعة للسيارة والتي تشير الى انه يقتضي تغيير الحزام الناقل للحركة كل خمس سنوات او في كل مرة تسير فيها السيارة مسافة 120000 كلم من تاريخ تغييره.
تقدم المشتري بدعوى مطالبا فيها بالتعويض، فيما ادلى البائع انه لم يكن يعرف بوجود هذا الخلل وقت البيع وانه كان قد خفض السعر نتيجة التفاوض مشيرا الى ان هذا التخفيض نتج عن اشارته وقت البيع الى انه لا يستطيع الإفادة "بصورة حقيقية " عن حالة الحزام الناقل للحركة.
قضاة محكمة الاستئناف اعتبروا ان البائع مخطئ لكونه لم يقم بتغيير الحزام الناقل للحركة بعد مرور خمس سنوات على وضع السيارة في السير لأول مرة وفقا لما تطلبه الشركة المصنعة للسيارة وان ذلك يشكل خرقا لموجب التسليم الفعلي.
محكمة التمييز الفرنسية, اعتبرت ان تحقق محكمة الاستئناف من تخفيض السعر ومن كون هذا التخفيض قد اخذ بعين الاعتبار "الشك" حول حالة الحزام الناقل للحركة, يؤديان الى اعفاء البائع من تسليم السيارة في حالة " الصيانة التامة" وبالتالي فان البائع لا يكون قد ملزما بالتعويض عن الخلل الخفي في السيارة.
(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة المدنية الأولى, في جلسة علنية بتاريخ 13فبراير 2019, رقم الطعن: 17-12580)
اعداد المحامي الدكتور رشاد قبيسي

السبت، 9 مارس 2019

ترك المنزل من قبل الزوجة بسبب العنف الاسري بين الخطأ والتبرير. 

تزوج السيد (يو) والسيدة (تي) وسكنا في مدينة مونبيلييه في جنوب فرنسا حيث اتسمت حياتها الزوجية خلال الفترة الأولى بالودية والاحترام.
بعدها، ولأسباب خاصة، بدأ الزوج بمعاقرة الخمرة وأصبح يمارس العنف الجسدي على زوجته، الامر الذي دفعها الى مغادرة المنزل بصورة نهائية.
تقدمت الزوجة بدعوى طلاق مستندة الى نص القانون الذي يبيح للقاضي تطليق الزوجين بسبب انهيار العلاقة الزوجية بصورة لا تقبل الشك وذلك بعد سنتين من الفرقة الجسدية بينهما.
اعترض الزوج على الطلب المقدم من زوجته مدليا انه يقتضي رب طلب التفريق المقدم من الزوجة، مقدما طلبا إضافيا يرمي الى اعلان الطلاق بسبب الخطأ الذي ارتكبته زوجته بتركها المنزل ومطالبا بالتعويض عن الضرر الذي أصابه.
في المقابل، أصرت الزوجة على طلب التفريق ولم تدلي بخطأ زوجها المتمثل بالعنف الاسري.
قاضي العائلة امام محكمة البداية أصدر حكما بالطلاق محملا الزوجة المسؤولية عن انهيار العلاقة الزوجية بسبب تركها المنزل لسبب لا يعتبر جديا.
محكمة الاستئناف، مستندة الى الافادات المقدمة في الملف من قبل الزوجة، اعتبرت ان هذه الافادات لها طابع ثبوتي وتوجب الاخذ بطلب الزوجة ورد طلبات الزوج. 
محكمة التمييز اعتبرت ان محكمة الاستئناف التي لم تقم الا باستخدام سلطتها السيادية المطلقة في تقدير الوقائع وقررت بالتالي رد الطعن التمييزي.
ان أهمية القرار الحالي تتأتى من كونه قد اعتبر ان خطأ الزوجة المتمثل بترك المنزل يكون قابلا للمحو والازالة بصورة شاملة عند قيام الزوج بارتكاب خطأ فادح متمثل بممارسة العنف الاسري المثبت.
(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة المدنية الأولى بتاريخ 13 فبراير 2019, رقم الطعن: 18-12008).
اعداد المحامي الدكتور رشاد قبيسي.

الأحد، 3 مارس 2019


موجب الاستعلام الواقع على عاتق المستدعي في معرض طلب تنحي المحكم.

بتاريخ 23 نوفمبر 1998, ابرمت الشركة الإيطالية (تيك) عقدا مع الشركة اليونانية (افاكس) لبناء مصنع لتوليد غاز البروبيلين في اليونان.
لاحقا, حصل خلاف بين الشركتين, قامت على اثره شركة (افاكس) بوضع البند التحكيمي موضع التنفيذ علما ان هذا الاخير  يعطي الاختصاص لهيئة محكمين يفصلون في النزاع تحت اشراف غرفة التجارة الدولية في باريس.
في 26يوليو 2007, تقدم رئيس الهيئة بتصريح يفيد باستقلاليته فيما تبين لشركة (افاكس) ان رئيس هيئة المحكمين كان يعمل في شركة (سوفرغاز) والتي تملكها بالكامل شركة (تيك). مما دفعها لتقديم طلب تنحي بخصوصه وذلك في  14 سبتمبر 2007, طلب تم رفضه بسبب التأخير الحاصل في تقديمه.
بعد صدور حكم جزئي في القضية، تقدمت شركة (افاكس) بطلب بطلان القرار التحكيمي مدلية ان رئيس الهيئة التحكيمية لم يحترم موجب التصريح عن وضعه السابق وكذلك موجب الاستقلالية وان الفرقاء لا يكونوا ملزمين بالبحث عن استقلالية كل محكم خلال مسار التحكيم.
محكمة الاستئناف ردت طلب الابطال. 
أعابت شركة (افاكس) على محكمة الاستئناف انها اعتبرت ان المعلومات المتعلقة برئيس المحكمة كانت متوافرة بصورة مرئية واضحة على موقع الانترنت العائد لشركة (سوفرغاز) وانه كان يفترض بالشركة المستدعية ان تقوم بالبحث اللازم عن استقلاليته والتقدم بطلب التنحي خلال مدة ثلاثين يوميا من تاريخ علمها بهذه المعلومات, أي من تاريخ 26 يوليو 2007 وذلك تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 11 من نظام غرفة التجارة الدولية في باريس.
كما أعابت شركة (افاكس) على محكمة الاستئناف عدم اخذها باعتبار التصريح الذي قدمه الرئيس غير مستوفي الشروط وبالتالي عدم اخذها بما طلب اليها في اعتبار عدم تقديم طلب التنحي خلال المهلة القانونية تراجعا عن تقديم هكذا طلب.
محكمة التمييز الفرنسية اعتبرت ان محكمة الاستئناف التي تبين لها ان طلب التنحي المقدم من شركة (افاكس) استند الى المعلومات المنشورة على موقع الانترنت المشار اليه وانه لم يشر الى أي معلومات إضافية تبرر الشك في تصريح رئيس هيئة المحكمين, وبالتالي, ان محكمة الاستئناف قامت بتطبيق القانون بصورة سليمة عندما رفضت اعتبار طلب التنحي صحيحا او ان من شأنه ان يؤثر على صحة القرار التحكيمي.
(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة المدنية الأولى, بتاريخ 19 ديسمبر 2018, رقم الطعن: 16-18349).
اعداد المحامي الدكتور رشاد قبيسي