الأربعاء، 23 يناير 2019



في كيفية وتاريخ تقدير التناسب بين التزامات الكفيل وقدراته المالية.

ابرمت شركة ( اوتوكونسولت) عقد قرض مع مصرف (بي ان بي) لأجل تمويل نشاطاتها التجارية, فيما التزم مدير هذه الشركة بضمان تسديد هذا القرض وذلك بموجب كفالة شخصية منه وقعت مع المصرف في اليوم نفسه مع الإشارة الى التزام المصرف بعدم تنفيذ الكفالة على المسكن الأساسي للسيد (اكس). 
لاحقا، تعرض نشاط الشركة الى اعسار شديد أدى الى اعلان افلاسها قضائيا دون ان تكون قد اتمت تسديد القرض المشار اليه أعلاه، مما دفع المصرف الى استحضار السيد (اكس) امام القضاء لمطالبته بتسديد القرض تنفيذا لكفالته الشخصية.
طالب السيد (اكس) برد الدعوى مشيرا الى ضرورة اعفائه من التزامه ككفيل لكون المصرف الزمه بالتوقيع على الكفالة في حين ان هذا الأخير كان يعلم ان الإمكانيات المالية للسيد (اكس) وقت ابرام الكفالة كانت غير متناسبة بشكل كبير مع الالتزامات الناشئة من الكفالة الشخصية.
محكمة الاستئناف اعتبرت ان أوراق الملف وان كانت تبين فعلا ان الإمكانيات المالية للسيد (اكس) كانت، وقت ابرام الكفالة, غير متناسبة بشكل كبير مع التزاماته المستقبلية ككفيل, الا ان حالته المالية وقت تنفيذ الكفالة كانت متناسبة مع التزاماته الناشئة عن عقد الكفالة الشخصية وذلك بغض النظر عن التزاماته تجاه الغير.
محكمة التمييز الفرنسية اعتبرت ان تقدير القدرة المالية للكفيل عند تنفيذ الكفالة يجب ان يأخذ بعين الاعتبار حالة مديونيته العامة أي ان يشمل جميع الالتزامات الأخرى التي ارتبط فيها المدين وان تكن خارجة عن اطار العقد موضوع النزاع.
ان هذا القرار يشكل اجتهادا جوهريا فيما يتعلق بتقدير التناسب بين التزام الكفيل والقدرة المالية له على تنفيذ التزاماته وذلك من وجهتين: 
الأولى تتعلق بالتاريخ الذي يجب ان يقدر فيه قضاة الأساس هذا التناسب, وهنا يبدو ان قضاة محكمة التمييز سمحوا لقضاة الأساس بتقدير التناسب في تاريخ  تنفيذ الكفالة وليس كما درجت العادة في تاريخ ابرامها.
الوجهة الثانية : هي الزام قضاة الأساس الذين يريدون تقدير  التناسب وقت تنفيذ الكفالة وليس فقط وقت ابرامها بان يأخذوا بعين الاعتبار جميع التزامات الكفيل الأخرى والتي ابرمت بين تاريخ ابرام الكفالة وتاريخ تنفيذها.
(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة التجارية, في جلسة علنية بتاريخ 17 اوكتبر 2018, رقم الطعن : 17-21857)
اعداد المحامي الدكتور رشاد قبيسي.
avocat.kobeissi@gmail.com

الجمعة، 18 يناير 2019

جواز الجمع بين المسؤولية المدنية والمسؤولية التعاقدية. 

ارادت شركة (سي ار جي) المشاركة،كما جرت العادة، في المؤتمر السنوي لجمعية علم الاسنان الفرنسية والتي كانت تخصص لها سنويا مكانا لعرض منتجاتها.
ارسلت شركة (سي ار جي) طلب الاشتراك مرفقا بعربون الى الجمعية المذكورة.
خلافا للعادة، رفضت الجمعية قبول طلب الاشتراك المقدم من الشركة واضافت في الرفض انها تضع حدا لعلاقاتهما التجارية  رغم ان هذه العلاقات تمتد لاكثر من ١٣ عاما مبررة الرفض وقطع العلاقات بالطابع العنيف لطريقة تعبير الشركة حول مسألة  المصدر الذي تستمد منه  علاجات طب الاسنان.
تقدمت شركة ( سي ار جي) بدعوى قضائية امام المحكمة المختصة، مستندة الى المسؤولية  التعاقدية، مطالبة بالتعويض عن الضرر الذي اصابها عن رفض طلب اشتراكها في المؤتمر من جهة وعن الضرر الذي اصابها نتيجة فسخ العلاقات التجارية بصورة فجائية.
قضاة محكمة الاساس اعتبروا ان التعويض عن رفض المشاركة في المؤتمر ليس مستحقا باعتبار ان اوراق الملف تثبت ان طريقة تصرف الشركة كان  سيئا ويبرر هذا الرفض، الا ان قضاة الاساس رفضوا التعويض عن الضرر الناشىء من الفسخ الفجائي للعلاقات التجارية معتبرين  ان الشركة استندت الى المسؤولية التعاقدية في حين ان هذه المسؤولية هي مسؤولية مدنية تقصيرية ناجمة عن تطبيق المادة ٤٤٢-٦ من قانون التجارة  وان مبدأ عدم الجمع بين المسؤوليتين فيما خص الافعال نفسها يوجب رد الطلب بسبب خطأ الشركة في تحديد النوع السليم للمسؤولية.
محكمة التمييز الفرنسية ايدت قرار محكمة الاستئناف فيما خص عدم التعويض عن رفض المشاركة في المؤتمر الا انها نقضته فيما خص المسؤولية عن فسخ العلاقات التجارية.
في الواقع، اعتبرت محكمة التمييز ان مبدأ عدم جواز الجمع بين المسؤوليتين المدنية والتعاقدية يمنع فقط المتعاقد من مطالبة الفريق الاخر بالتعويض عن عدم تنفيذ موجب تعاقدي بناء على احكام المسؤولية المدنية، الا ان هذا المبدأ لا يمنع تقديم طلب تعويض مستند الى احكام قانونية تهدف الى التعويض عن ضرر لا ينجم من عدم تنفيذ العقد  وانما من فسخ العلاقات التجارية الثابتة.
(محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة التجارية، قرار صادر بتاريخ ٢٤ اوكتوبر ٢٠١٨، رقم الطعن ١٧-٢٥٦٧٢).
اعداد المحامي الدكتور رشاد قبيسي
avocat.kobeissi@gmail.com

الجمعة، 11 يناير 2019

التنازل عن التركة ينفي صفة الوريث بصورة رجعية.

توفيت السيدة ايفون (اكس) والتي كانت تستأجر مسكنا تابعا للمؤسسة العامة للسكن الاجتماعي عن ولد وحيد يسمى السيد ادولف (اكس).
تبين فيما بعد ان السيدة (اكس) لم تكن قد دفعت ايجاراتها كاملة وانها لا تزال مدينة بمبلغ من المال للمؤسسة العامة للسكن.
قام السيد ادولف، الذي لم يكن يسكن مع والدته، باتمام جردة اخلاء المنزل مع المؤجر، مدليا امام الاخير انه الوريث الوحيد لوالدته.
لاحقا قام بالسيد ادولف بالتنازل عن حقه في ميراث والدته فيما تقدمت المؤسسة العامة للسكن بدعوى لمطالبته بايفاء ديون والدته تجاهها.
طلب السيد ادولف من المحكمة رد الطلب معتبرا انه تنازل عن حقه في الارث وبالتالي فان ديون والدته وحقوقها لم يدخلوا ابدا في ذمته المالية الخاصة.
قضاة الاساس ردوا طلب السيد ادولف معتبرين انه كان قد عرف عن نفسه امام المؤجر بانه الوريث الوحيد للوالدة المتوفاة، بانه راسل المؤجر بهذه الصفة وانه قام باعداد جردة اخلاء المنزل بهذه الصفة ايضا و اخيرا ان قيامه بالتنازل عن حقه في الميراث تم لاحقا لجميع هذه الاعمال وبالتالي فانه لا يعتد بهذا التنازل بوجه المؤجر.
محكمة التمييز الفرنسية نقضت قرار محكمة الاساس معتبرة ان التنازل عن الحق في الميراث  يعني وجوب اعتبار المتنازل كانه لم يكن ابدا وريثا وذلك بصورة رجعية بحيث انه لا يمكن ان يكون ملزما بدفع الديون المترتبة على التركة.
( قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة المدنية الاولى، بتاريخ ١٩ سبتمبر ٢٠١٨ ، رقم الطعن: ١٧ - ٢٤٦٣٢ ).
اعداد المحامي الدكتور رشاد قبيسي.

الجمعة، 4 يناير 2019


صناعة الدواء والمساس بالحق في الحياة العائلية الطبيعة

انتجت شركة (يو سي بي) دواء يسمى ديستيلبين وقد تناولت منه السيدة (اكس) جرعات متعددة وفقا لوصفات طبية, ثم تبين رسميا وفقا لدراسات علمية ان هذا الدواء يسبب مشاكل لدى الاجنة المولودين من النساء اللواتي تناولنه.
بالفعل, اصيبت السيدة ( واي), ابنة السيدة ( اكس) بتشوه خلقي في الرحم حرمها من الانجاب وجعلها عاقرا.
تقدمت السيدة (واي) بدعوى قضائية امام شركة (يو سي بي) للمطالبة بالتعويض عن حرمانها من حياة عائلية طبيعية, الامر الناجم من انعدام الانجاب بفعل الدواء الذي تناولته والدتها اثناء حملها بها. 
طالبت شركة (يو سي بي) برد طلب التعويض مدلية ان السيدة (واي) قد تبنت مع زوجها طفلا وانها بالتالي لم تحرم من حياة طبيعية عادية.
اعتبرت محكمة الاستئناف ان التعويض المطالب به يوجب ان تكون المستدعية قد اصيبت باعاقة تمنعها من اقامة حياة عائلية عادية وكذلك تحرمها من علاقات حميمية, وانه يستفاد من اوراق الملف ان السيدة (واي) تعيش مع زوجها وانها تبنت طفلا الامر الذي يجعل حياتها العائلية طبيعية ايضا, مما يوجب رد طلبها.
محكمة التمييز الفرنسية ايدت قرار محكمة الاستئناف وردت الطعن التمميزي. 
من الناحية القانونية, يأتي هذا القرار ليبين ان المسؤولية المفترضة قانونا لشركات تصنيع الاودية عن الخطأ الذي ارتكبته في التصنيع لا يكون من شأنه ان ينفي واجب الضحية باثبات الضرر الذي اصابها.
اما من الناحية الاجتماعية, فان هذا القرار يبين ان مفهوم " الحياة العائلية" لا يتوقف عند انجاب الاولاد طالما ان هناك حلول اخرى اختارها الفرقاء بمحض ارادتهم.
لا بد من الاشارة الى ان هذا القرار لا يلق اذانا صاغية في الدول التي تحرم التبني تطبيقا لنظامها العام الدولي الخاص.  

(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة المدنية الاولى, في جلسة علنية بتاريخ 28 نوفمبر 2018, رقم الطعن : 17-26279 )