الجمعة، 31 يناير 2020

تراتبية الديون المتعددة المتوجبة تجاه دائن واحد ومدى حق المدين بطلب تخصيصها.

بين سنتي 2000 و2005, ابرم السيد والسيدة (عبود) عدة قروض لدى المصرف (راء) بهدف شراء عدة شقق سكنية في مدن فرنسية سياحية هي (كان), (كورشيفيل) و (انسي).
انه نتيجة لمشاكل في التسديد، وبرسالة بتاريخ 7 نوفمبر 2012, اعلم المصرف المستقرضين بسقوط اجل هذه القروض، مما دفعهم للقيام بدفع عدة مبالغ بصورة جزئية، طالبين تخصيص المبالغ المدفوعة لإيفاء قرض معين دون اخر.
في 9 اوكتبر 2014, وبعد تأخر المستقرضين عن الدفع مجددا، أعلمهم المصرف مجددا بسقوط الآجال طالبا منهم دفع المبالغ المتوجبة فورا واستتبع ذلك بإرسال اوامر بالدفع متضمنة اعلانه مباشرة الحجز على العقارات العائدة للسيد والسيدة (عبود).
بعد استحضارهم امام قاضي التنفيذ، ادلى السيد والسيدة ببطلان أوامر الدفع لأنها لم تأخذ بعين الاعتبار ما قرروه من تخصيص كانوا قد اعلموا المصرف به سنة 2012.
قاضي التنفيذ ومحكمة الاستئناف ردا طلب الابطال.
تقدم السيد والسيدة (عبود) بطعن تمييزي معيبين على القرار الاستئنافي انه لم يحترم ارادتهم بتخصيص الدفوعات المتممة جزئيا لتسديد قرض معين دون اخر وانه اعتبر انه لا يحق للمدين ان يجبر الدائن على احترام هكذا تخصيص.
محكمة التمييز الفرنسية اعتبرت انه إذا كان يحق للمدين، الذي تتوجب عليه عدة ديون تجاه دائن واحد، ان يصرح بانه يريد ايفاء دين ما دون اخر، الا ان المفاعيل القانونية لهذا التصريح لا تستقيم الا إذا قبل الدائن صراحة برغبة المدين بالتخصيص.
تكون محكمة التمييز بذلك قد خلصت الى ان محكمة الاستئناف التي تحققت من ان المصرف لم يكن قد قبل صراحة بهذا التخصيص يحق له ان يخصص الدفوعات المتممة جزئيا وفقا للألية التي يراها مناسبة لضمان حقوقه كمقرض.
(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة المدنية الأولى, بتاريخ 27 نوفمبر 2019, رقم الطعن: 18-21570).
إعداد الدكتور رشاد قبيسي 
محام بالاستئناف في باريس.

الثلاثاء، 28 يناير 2020


رئيسة محكمة التمييز الفرنسية تذكر الرئيس ماكرون بموجب عدم التدخل في عمل القضاء.

في معرض زيارته الى الكيان الاسرائيلي اخيرا ولقائه بالجالية الفرنسية هناك, اثار رئيس الجمهورية الفرنسية ايمانويل ماكرون قضية السيدة سارة حليمي, المنتمية الى الديانة اليهودية, والتي قتلها جارها المسلم, والذي اعتبرته محكمة الاستئناف الجزائية "غير مسؤول عن افعاله الجرمية ".ماكرون قال خلال اللقاء انه جرى تمييز هذا القرار الاستئنافي وان هناك بصيص امل لعودة الامور الى حقيقتها باعتبار ان فعل الجاني كان قد تم توصيفه قضائيا بالفعل " المعادي للسامية".
رئيسة محكمة التمييز الفرنسية, السيدة شانتال ارنز, والمدعي العام لدى محكمة التمييز ,السيد فرانسوا مولان, ذكرا الرئيس ماكرون ان استقلالية العمل القضائي, الذي يجب على رئيس الدولة ان يضمنها, هي الشرط الجوهري لحسن سير المجتمع الديموقراطي وأنه لا يمكن للسلطة التنفيذية ان تعطي اراءا في قضية معروضة أمام القضاء, ذلك انه يجب ان يسمح للقضاة ان ينظروا في ملفاتهم بكل شفافية ودون اي ضغط خارجي وفقا لمبدأ استقلال السلطات الذي يستندون عليه دوما.

اعداد الدكتور رشاد قبيسي.
محام بالاستئناف في باريس

السبت، 25 يناير 2020

عدم جواز الاعتداد بالسرية المصرفية من قبل المصرف عندما يكون طرفا في الدعوى.


في تسعينات القرن الماضي، فتحت شركة (سعد للاستثمار) التي تحمل جنسية جزر الكايمن البريطانية حسابا مصرفيا لها في مصرف (أي اف اي) الفرنسي.
خلال سنة 2009, حولت هذه الشركة، من حساب اخر لها في مدينة زوريخ السويسرية الى حسابها في المصرف الفرنسي، مبلغ خمسين مليون يورو, ثم قامت في اليوم نفسه بتحويل هذا المبلغ الى حساب شركة أخرى (شركة دانا) المفتوح في المصرف الفرنسي.
لاحقا، خضعت شركة (سعد لاستثمار) لإجراءات التصفية القضائية في جزر الكايمن ووفقا لقانونها، الامر الذي سمح للمصفين القضائيين بالتقدم امام قاضي الأمور المستعجلة في باريس لإصدار امر قضائي بتعيين "مأمور تنفيذ" ليقوم بالكشف على مستندات المصرف بهدف اثبات ان التحويل الذي تم لمصلحة شركة (دانا) كان مخالفا للقوانين المصرفية او لإثبات ان المصرف كان قد سهل او كان يعلم ان هذا التحويل قد هدف الى تهريب أصول شركة (سعد للاستثمار) التي كانت تعاني وقتها من صعوبات مالية.
قاضي الأمور المستعجلة في باريس قام بتعيين "مأمور التنفيذ" مع إعطائه مهمة البحث عن تلك المستندات في المصرف ولا سيما فيما بتعلق بالشركات المذكورة، كما سمح له باخذ نسخة عنها.
لاحقا، تقدم المصرف بطلب امام قاضي الأمور المستعجلة نفسه، طالبا التراجع عن الامر القضائي الأول، الامر الذي رفضه القاضي المذكور. مما دفع البنك لاستئناف القرار القضائي بالرفض.
امام محكمة الاستئناف، ادلى المصرف بان السرية المصرفية تشكل عائقا مشروعا يمكن الاعتداد بوجه القاضي بحيث انه يمكن للمصرف ان يمتنع عن تسليم وكيل المصفي القضائي المستندات المتعلقة بالحالة المالية لزبونه، وأضاف ان احترام مبدأ السرية المصرفية يعلو على حق المصفي القضائي بالوصول الى معلومات دقيقة حول هذه الحالة المالية.
أضاف المصرف ان شركة (سعد للاستثمار) التي تخضع لإجراءات التصفية وفقا لقانون جزر الكايمن لا يمكنها الاعتداد بالحالات الاستثنائية التي يسمح فيها القانون الفرنسي بخرق السرية المصرفية.
محكمة الاستئناف اعتبرت ان السرية المصرفية لا يمكن الاعتداد بها بوجه المصفي القضائي للشركة نفسها التي كانت زبونة المصرف وأضافت ان القواعد القانونية الفرنسية التي تعطي استثناءات على السرية المصرفية تكون قابلة للتطبيق على الشركات الاجنبية طالما ان المصرف الذي تمت فيه هذه العمليات السرية يقع مركزه التجاري في فرنسا.
محكمة التمييز الفرنسية، ذهبت الى ابعد من ذلك، واعتبرت ان السرية المصرفية المنصوص عنها في المادة 551-33 من قانون النقد والمال لا تشكل عائقا مشروعا يعتد به بوجه القاضي عندما يكون طلب تسليم المستندات مقدما بوجه المصرف بصفته طرفا في الدعوى الهادفة الى اعمال مسؤوليته الشخصية، بحيث ان المصرف لا يعتبر في هذه الحالة من الغير الذي يحق له الاعتداد بالسرية المصرفية. واضافت ان المادة السادسة من الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الانسان والحريات الأساسية توجب إعطاء المستدعي إمكانية الوصول الى معلومات لدى المصرف بهدف استخدامها ضد المصرف نفسه في دعوى مسؤولية تقام امام قضاة الأساس.

(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة التجارية، بتاريخ 29 نوفمبر 2017, رقم الطعن: 16-22060).
اعداد الدكتور رشاد قبيسي
محام بالاستئناف في باريس.

الأربعاء، 22 يناير 2020

هل يعتبر التراجع عن الالتزام بعقد الايجار فسخا احادي الجانب له؟

استأجر السيد -ام- من السيدة -واي- مسكنا سكنيا, ولكنه بعد أسبوعين من ابرامه العقد, أرسل الى المؤجرة رسالة يعلمه فيها بانه يتراجع عن التزامه بعقد الايجار الامر الذي رفضته المؤجرة.
قام المستأجر بإخلاء المأجور في الوقت الذي حدده في الرسالة, مما اضطر المؤجر لرفع دعوى لإثبات فسخ العقد ومطالبة المستأجر بدفع بدلات الايجار معتبرا انه يكون ملزما بدفع الايجار الى حين تقرير الفسخ قضائيا.
قاضي الدرجة الأولى, اعطى الحق كاملا للمؤجر, مما دفع المستـأجر للاعتراض على الامر القضائي.
محكمة الاستئناف ايدت حكم قاضي الدرجة الأولى, واعتبرت ان قرار المستأجر بالتراجع عن التزامه بالعقد لا يشكل طلب فسخ لهذا العقد وبالتالي فانه يكون ملزما بدفع بدلات الايجار التي استحقت بعد تركه المسكن باعتبار ان عقد الايجار لا يعتبر مفسوخا.
محكمة التمييز الفرنسية قالت ان محكمة الاستئناف التي تأكدت من ان قرار التراجع يشكل قرارا احادي الجانب بوضع حد نهائي للعقد, كان عليها ان تستخلص من ذلك النتائج القانونية وتعتبر هذا القرار فسخا للعقد المذكور.
لذلك قررت محكمة التمييز نقض القرار الاستئنافي وتدريك المؤجر نفقات المحاكمة.
قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة المدنية الثالثة, بتاريخ 19 ديسمبر 2019, طبيعة القرار: نقض.
اعداد الدكتور رشاد قبيسي
محام بالاستئناف في باريس.

الاثنين، 13 يناير 2020

أثر المستندات الدعائية على مضمون الالتزام التعاقدي.

انه لأجل تجنب تزوير الشيكات المسحوبة على حسابها المصرفي، اشترت شركة تومي من شركة ساتاس ماكينة لإملاء الشيكات, لكنها وقعت بعد ذلك ضحية لتزوير شيكين, فطالبت الأخيرة بالتعويض عن الضرر الذي أصابها.

أعابت شركة ساتاس على القرار الاستئنافي أنه قبل هذا الطلب و حكم عليها بالنتيجة ان تدفع الى شركة تومي مبلغا من المال, في حين :

- ان تسليم الماكينة للمشتري، والتي وان كانت مصنعة بطريقة فنية ممتازة، يتضمن بالضرورة هامشا من عدم الدقة يرتبط بطبيعة كل صناعة تقنية، وبالتالي فانه لا يضع على عاتق الشركة المزودة موجب نتيجة يؤدي الى اعمال مسؤوليتها بمجرد التحقق من وجود الخلل، بل ان اعمال مسؤوليتها يوجب اثبات خطأ ارتكب من قبلها. من هنا، فان محكمة الاستئناف التي اكتفت، لإعمال مسؤولية شركة ساتاس، بالقول انها كانت قد اقرت بوجود التزوير وانها لم تثبت، وجود سبب خارجي للخلل المؤدي الى هذا التزوير، تكون، أي محكمة الاستئناف, قد خالفت نص المواد 1134 و1147 وما وما يليها من القانون المدني; 
- ان الاعلان الدعائي المتضمن جزءا من المبالغة التي لا تتجاوز ما هو عادي في المعاملات التجارية والمرتبطة بطبيعة الدعاية لا يؤدي الى خلق التزام على عاتق من صدر عنه يكون عليه احترامه بصرامة، وان مشتري الماكينة يعلم انه ليس هناك من صناعة قابلة لإعطاء امان مطلق وكامل ; وبالتالي فان محكمة الاستئناف التي اعتبرت ان العرض الوارد في الإعلان الدعائي بكون المكنة تكشف الشيكات المزورة هو عبارة عن موجب ضمان للمشتري، تكون قد خالفت مرة أخرى احكام المواد 1134 و1147 وما يليها من القانون المدني.
محكمة التمييز الفرنسية قالت ان محكمة الاستئناف التي وجدت ان شركة ساتاس كانت قد ضمنت في مستنداتها الإعلانية ان تكون الشيكات المملوءة بواسطة الماكينة موضوع النزاع غير قابلة للتزوير، وانه بالرغم من ذلك فان شركة تومي قد وقعت ضحية للتزوير، فان محكمة الاستئناف تكون قد عللت قرارها من الناحية القانونية عندما اعتبرت ان شركة ساتاس كانت قد خرقت التزامها بموجب النتيجة الوارد في المستند الإعلاني.
لذلك قررت محكمة التمييز رد الطعن التمييزي.
(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة التجارية، 
في جلسة علنية بتاريخ الثلاثاء 17 يونيو 1997, رقم الطعن: 95-11164)
اعداد الدكتور رشاد قبيسي
محام بالاستئناف في باريس.


الجمعة، 3 يناير 2020

ابطال التزام الكفيل تجاه المصرف بسبب الشك في التوقيع عليه

بموجب عمل قانوني بتاريخ 4 أغسطس 2009, التزمت السيدة (اكس) تجاه مصرف (سي أي سي) بضمان القرض المبرم من قبل شركة (اوبيرج).
انه بسبب اعسار شركة (اوبيرج) وعدم دفع أقساط قرضها، استحضر المصرف السيدة (اكس) امام القضاء تنفيذا لالتزامها في حين ان هذه الأخيرة طالبت ببطلان الكفالة بسبب عدم توقيعها الفقرة التي تكتب بخط اليد من قبلها ككفيل.

اعاب المصرف على القرار المطعون به انه قرر ابطال الكفالة المبرمة من قبل السيدة (اكس) في حين أن وثيقة الكفالة تعتبر صحيحة بالنظر الى المتطلبات الشكلية المنصوص عليها في المادة ل. 341-2 من قانون الاستهلاك في نسختها القابلة للتطبيق, عندما  تكون الفقرة المكتوبة بخط اليد  قد تضمنت في اسفلها الإشارة الى الاحرف الأولى لاسم وعائلة الكفيل وطالما ان التوقيع على هذه الوثيقة قد ورد في اعلى هذه الفقرة المكتوبة وليس في اسفلها وان ليس هناك ما يبين ان معنى, ومحتوى, وصحة هذه الفقرة المكتوبة يمكن التشكيك بهم.

محكمة التمييز اعتبرت ان الشكلية المنصوص عنها في المادة المشار اليه أعلاه يجب احترامها تحت طائلة بطلان الالتزام المكتوب بخط اليد بحيث ان التوقيع يجب ان يأتي بعد الفقرة المكتوبة بخط اليد من قبل الكفيل وان الإشارة الى الاحرف من اسم وعائلة الكفيل لا يحلان مكان التوقيع

من هنا اعتبرت محكمة التمييز ان محكمة الاستئناف استنتجت من ذلك وبصورة سليمة ان التزام الكفيل كان باطلا وان السبب التمييزي لا يكون مسندا من الناحية القانونية.

(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة التجارية, في جلسة علنية بتاريخ الأربعاء 23 اوكتبر 2019, رقم الطعن: 18-11825).
اعداد الدكتور رشاد قبيسي
محام بالاستئناف في باريس