موجب المصرف برد أموال المودعين هو موجب نتيجة لا يمكن تجاوزه متى طلب اليه الاسترداد رسميا من المودع.
بتاريخ الخامس من يناير 2009, ارسل السيد (أبومالحة) الى مصرف (بي ان بي باريبا) امرا بتحويل مبلغ 13500 يورو من حسابه الجاري في هذا البنك الى حساب اخر له في مصرف اخر, مع العلم ان حسابه وقت ارسال طلب التحويل كان دائنا بقيمة 13779 يورو.
في اليوم نفسه تلقى المصرف، امرا بالدفع من قبل الغير بناء على عملية حجز قضائي وبذلك بقيمة 10474 يورو.
بتاريخ السابع من يناير2009, أي بعد يومين من استلامه امر التحويل, قام المصرف بتحويل المبلغ الذي طلب السيد (ابومالحة) تحويله الى حسابه في المصرف الاخر.
في التاسع من ذات الشهر، قام المصرف بسحب قيمة 10474 يورو من حساب السيد (ابومالحة) تنفيذا لطلب حجز ودفعه للحاجز، الامر الذي أدى الى تحول حساب المودع الى حساب مدين.
تقدم السيد (ابومالحة) بدعوى امام قاضي الأمور المستعجلة طالبا الزام البنك بإزالة التعدي الغير قانوني الممارس من قبل المصرف، طالبا الزامه, تحت غرامة اكراهية, بدفع المبلغ الذي دفعه للحاجز, الامر الذي اخذ به قاضي العجلة وايدته محكمة استئناف مدينة باريس.
تقدم المصرف بطعن تمييزي مدليا بالنقاط القانونية التالية:
- انه تصرف كوكيل للمودع، وانه لا يكون مسؤولا عن تنفيذ الوكالة الا اذ تم اثبات ارتكابه خطأ ما.
- ان محكمة الاستئناف التي اعتبرت تأخر المصرف عن إتمام الحوالة لمدة تزيد عن اربع وعشرين ساعة يشكل خطأ تعاقديا, تكون قد خالفت النصوص القانونية.
- ان محكمة الاستئناف تكون قد خالفت القانون عندما وصفت تصرف المصرف بالتعدي, معتبرة انه كان يتمثل بقبول البنك بالدفع للحاجز بتاريخ التاسع من يناير في حين ان صولد الحساب كان غير كاف بسبب الحوالة التي تمت في السابع من الشهر حوله.
محكمة التمييز الفرنسية اعتبرت:
- ان المصرفي الذي تودع لديه الأموال يكون ملزما بردها ويكون ملزما بالرد وفقا لموجب نتيجة.
- ان المصرفي يكون مسؤولا تجاه المودع عن كل تأخير، غلط او أي تصرف خاطئ في تنفيذه لموجب رد الأموال المودعة لديه.
- ان المصرف يكون ملزما بتحمل نتائج الدفع غير الصحيح للغير، وان لم يرتكب أي خطأ في معرض قيامه بهذا الدفع، الا إذا اثبت خطأ الزبون الذي قد يعفيه كليا او جزئيا من المسؤولية.
من هنا خلصت محكمة التمييز الى القول ان تأخر المصرف في إتمام التحويل يشكل تعديا غير مشروع يقتضي إصلاحه بتحمل المصرف تبعات هذه التعرض.
برأينا، ان هذا القرار المبدئي يبين ان المصرف وان كان بإمكانه استعمال أموال المودعين في اطار عملياته المصرفية ولا سيما في اطار تمويل القروض الممنوحة للزبائن، الا انه يبقى ملزما بموجب نتيجة, هو موجب رد الأموال المودعة لديه متى طلب الزبون المودع استردادها.
يمكن انطلاقا من هذا التحليل القول انه يمنع على المصرف التصرف بأموال المودع متى تلقى امرا من هذا الأخير بردها.
ويبقى السؤال الأهم متمثلا في الطرح التالي: هل يكون من شأن الظروف الاستثنائية اعفاء المصرف من موجب النتيجة هذا؟ سؤال سنحاول عليه لاحقا عبر البحث عن اجتهاد لمحكمة التمييز بهذا الخصوص.
(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة التجارية، في جلسة علنية بتاريخ 18 سبتمبر 2012, رقم الطعن: 11-10209, طبيعة القرار: رد الطعن).
اعداد الدكتور رشاد قبيسي
محام بالاستئناف في باريس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.