بتاريخ 13 اوكتبر 2016, بث التلفزيون الرسمي الفرنسي برنامجا تحقيقيا عن قطاع انتاج الحليب بعنوان "الزبدة واموال الزبدة", واشار هذا البرنامج الى شركة "لاكتاليس" مبينا في بعض فقراته عنوان السكن العائد لرئيس مجلس ادارتها.
تقدم السيد (سين), رئيس مجلس الادارة بدعوى بوجه التلفزيون, مدعيا بخرق الحق في حماية حياته الخاصة, مطالبا بالتعويض وكذلك باتخاذ اجراءات بمنع البث.
ردت محكمة الاستئناف طلبات السيد (سين) معتبرة ان المسألة تتعلق بالحق في التعبير في اطار معالجة موضوع يتعلق بالمصلحة العامة, وان المعلومات التي نشرت عن رئيس مجلس الادارة كانت تدخل في اطار " المجال العام" الذي يمكن للجمهور الوصول اليه بسهولة وان هذا الاخير لم يكن قد اعترض على دخول هذه المعلومات مسبقا في هذا "المجال العام".
اعاب السيد (سين) على محكمة الاستئناف انها ردت طلباته في حين ان الحق في حماية الحياة الشخصية والحق في التعبير هما حقان متساويان من حيث ناحية ضمانة ممارستهما, وانه كان يتوجب على المحكمة ان توازن بين المصالح المتناقضة, بحيث يقوم القضاة بتقدير واقعي لضرورة التدخل في حياته الخاصة.
محكمة التمييز الفرنسية اعتبرت ان الحق في حماية الحياة الشخصية والحق في التعبير لهما نفس القوة النظامية, وانه يعود لقاضي ان يبحث عن التوازن بين هذه الحقوق, وعند الاقتضاء, تفضيل الحل الاكثر حماية للمصلحة الاكثر "مشروعية".
اضافت محكمة التمييز انه لاجل تحقيق هذا التوازن فانه يقتضي الاخذ بعين الاعتبار, من ناحية, اهمية المنشور المعترض عليه في معالجة مسألة تتعلق بالمصلحة العامة, ثم شهرة الشخص الذي تم المساس به, والتصرف السابق لهذا الشخص, وكذلك مضمون التقرير والنتائج التي قد تترتب على بث هكذا تقرير.
واشارت محكمة التمييز الى ان محكمة الاستئناف التي بعد ان اعتبرت ان المعطيات المعروضة في الفقرة موضوع النزاع تشكل دون اي شك مساسا بالحق في الحياة الخاصة, الا ان القرار الاستئنافي اعتبر ان ما ورد عن الحياة الخاصة للسيد (سين) لم يكن تفصيليا, وان المعلومات الخاصة بمسكنه كانت قد نشرت سابقا في الصحافة المكتوبة وانه لم يكن قد اعترض على ذلك.
وخلصت محكمة التمييز الى ان محكمة الاستئناف التي فاضلت بين المصالح موضوع النزاع, قد فضلت للاسباب المعروضة اعلاه تقديم الحق في التعبير على الحق في حماية الحياة الخاصة.
لذلك قررت محكمة التمييز رد الطعن, وتدريك السيد (سين النفقات).
(قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية, الغرفة المدنية الاولى, بتاريخ 10 اوكتبر 2019, رقم الطعن: 18-21.871).
اعداد الدكتور رشاد قبيسي
محام بالاستئناف في باريس.